التوسل أنواعه وأحكامه
محقق
محمد عيد العباسي
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
الثبات في مكانه مع أمر النبي ﷺ له بذلك، لماذا؟ كل ذلك لتعظيمهم نبيهم ﷺ، وتأدبهم معه، ومعرفتهم حقه وفضله، فإذا كان الصحابة - رضوان الله تعالى عليهم -لم يرتضوا الإقتداء بغير النبي ﷺ عندما أمكن ذلك، مع أنهم كانوا بدأوا الصلاة في غيابه ﷺ عنهم، فكيف يتركون التوسل به ﷺ أيضًا بعد وفاته، لو كان ذلك ممكنًا، ويلجئون إلى التوسل بغيره؟ وكما لم يقبل ابوبكر أن يؤم المسلمين فمن البديهي أن لا يقبل العباس أيضًا أن يتوسل الناس به، ويدعوا التوسل بالنبي ﷺ لو كان ذلك ممكنًا.
"تنبيه": وهذا يدل من ناحية أخرى على سخافة تفكير من يزعم أنه ﷺ في قبره حي كحياتنا، لأنه لو كان ذلك كذلك لما كان ثمة وجه مقبول لانصرافهم عن الصلاة وراءه ﷺ إلى الصلاة وراء غيره ممن لا يدانيه أبدًا في منزلته وفضله. ولا يعترض احد على ما قررته بأنه قد ورد أن النبي ﷺ قال: "أنا في قبري حي طري، من سلم علي سلمت عليه". وأنه يستفاد منه أنه ﷺ حي مثل حياتنا، فإذا توسل به سمعنا واستجاب لنا، فيحصل مقصودنا، وتتحقق رغبتنا، وأنه لا فرق في ذلك بين حاله ﷺ في حياته، وبين حاله بعد وفاته أقول: لا يعترض أحد بما سبق لأنه مردود من وجهين:
الأول حديثي: وخلاصته أن الحديث المذكور لا أصل له بهذا اللفظ، كما أن لفظة "طري" لا وجود لها في شيء من كتب السنة إطلاقًا، ولكن معناه قد ورد في عدة أحاديث صحيحة، منها قوله ﷺ:
1 / 58