التوسل أنواعه وأحكامه
محقق
محمد عيد العباسي
الناشر
مكتبة المعارف للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الطبعة الأولى ١٤٢١ هـ
سنة النشر
٢٠٠١ م
مكان النشر
الرياض
تصانيف
حتى بدت نواجذه، وقال: "أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله".
فهذه الأحاديث وأمثالها مما وقع زمن النبي ﷺ وزمن أصحابه الكرام رضوان الله عليهم تُبين بما لا يقبل الجدال أو الممارة أن التوسل بالنبي ﷺ أو بالصالحين الذي كان عليه السلف الصالح هو مجيء المتوسل إلى المتوسل به، وعرضه حاله له، وطلبه منه أن يدعو له الله سبحانه، ليحقق طلبه، فيستجيب هذا له، ويستجيب من ثم الله ﷾.
٢- وهذا الذي بيناه من معنى الوسيلة هو المعهود في حياة الناس وفي استعمالهم، فإنه إذا كانت لإنسان حاجة ما عند مدير أو رئيس أ، موظف مثلًا، فإنه يبحث عمن يعرفه ثم يذهب إليه ويكلمه، ويعرض له حاجته فيفعل، وينقل هذا الوسيط رغبته إلى الشخص المسؤول، فيقضيها له غالبًا فهذا هو التوسل المعروف عند العرب منذ القديم، وما يزال، فإذا قال أحدهم: إني توسلت إلى فلان، فإنما يعني أنه ذهب إلى الثاني وكلمه في حاجته، ليحدث بها الأول، ويطلب منه قضاءها، ولا يفهم أحد من ذلك أنه ذهب إلى الأول وقال له: بحق فلان "الوسيط" عندك، ومنزلته لديك اقضي لي حاجتي.
وهكذا فالتوسل إلى الله ﷿ بالرجل الصالح ليس معناه التوسل بذاته وبجاهه وبحقه، بل هو التوسل بدعائه وتضرعه واستغاثته به ﷾، وهذا هو بالتالي معنى قول عمر ﵁: "اللهم إنا منا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا" أي: كنا إذا قل
1 / 55