عقيدة أهل السنة في الصحابة لناصر بن علي
الناشر
مكتبة الرشد،الرياض
رقم الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٢١ هـ/٢٠٠٠ م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
أُمَّةً وَسَطًا﴾ الآية أي: أمة خيارًا عدولًا فإن هذا حقيقة الوسط، فهم خير الأمم وأعدلها في أقوالهم وأعمالهم وإراداتهم ونياتهم، وبهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرسل على أممهم يوم القيامة والله تعالى يقبل شهادتهم عليهم فهم شهداؤه ولهذا نوه بهم ورفع ذكرهم وأثنى عليهم. أ. هـ١
فإذن معنى الآية الكريمة: أن الله تعالى كما جعل قبلة أمة محمد ﷺ خير القبل وجعلها متوسطة بين المشرق والمغرب كذلك جعلهم خير الأمم وسطًا بين الغلو والتقصير فلم يغلوا غلو النصارى حيث وصفوا عيسى ﵊ بالألوهية، ولم يقصروا تقصير اليهود حيث وصفوه بأنه ولد زنا فأخبر - سبحانه - بما أنعم به على أمة محمد ﷺ من تفضيله لها بالعدالة والشهادة على سائر الأمم يوم القيامة، وعلى هذا فلا ريب ولا شك في أن أصحاب رسول الله ﷺ هم أحق من كل أحد من أمته ﵊ بهاتين الصفتين ألا وهما: العدالة والشهادة على سائر الأمم يوم القيامة بأن الرسل قد بلغوا أممهم ما أنزل الله إليهم من الرسالات السماوية.
قال تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ ٢ وفي هذه الآية الكريمة بين الله تعالى أنه جعل أمة محمد خير أمة أخرجت للناس وذلك بسبب ما اتصفت به من القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولما استقر في قلوبهم من الإيمان بالله والصحابة ﵃ هم أول وأفضل من دخل في هذا الخطاب وحاز قصب السبق في هذه الخيرية بلا نزاع لأنهم أول من خوطب بهذه الآية الكريمة قال الزجاج٣ وأصل الخطاب لأصحاب النبي ﷺ وهو يعم سائر
_________
١ـ لوامع الأنوار البهية ٢/٣٨٤.
٢ـ سورة آل عمران آية / ١١٠.
٣ـ هو إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج عالم بالنحو واللغة ولد ببغداد سنة إحدى وأربعين ومائتين وتوفي سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، انظر: ترجمته في وفيات الأعيان ١/٤٩-٥٠، تاريخ بغداد ٦/٨٩.
1 / 58