أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

مرعي الكرمي ت. 1033 هجري
63

أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

محقق

شعيب الأرناؤوط

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦

مكان النشر

بيروت

التَّفْسِير القَوْل بذلك أصلا فَلْيتَأَمَّل وَأعلم أَيْضا أَن الَّذِي ذهب إِلَيْهِ جُمْهُور متأخري الْمُتَكَلِّمين هُوَ تَنْزِيه الله تَعَالَى عَن الْجِهَة فَلَيْسَ هُوَ مَخْصُوصًا بِجِهَة فَوق عِنْدهم وَلَا بِجِهَة غَيرهَا لِأَنَّهُ يلْزم من ذَلِك عِنْدهم أَنه مَتى اخْتصَّ بِجِهَة أَن يكون فِي مَكَان أَو حيّز وَأَنه غير قديم أَو أَنه جسم وَمَفْهُومه أَن من لَيْسَ فِي جِهَة لَا يكون متحيزا وَأَنه هُوَ الْقَدِيم المستغني عَن مَحل يقوم بِهِ وَأورد على هَذَا أَن الْكَوْن الْكُلِّي والدائر الْمُحِيط بالعالم فَإِنَّهُ لَا فِي مَكَان وَهُوَ حَادث وَغير مستغن بِنَفسِهِ وذاته وَإِن اسْتغنى عَن الْمَكَان لِأَنَّهُ لَو افْتقر إِلَى مَكَان لافتقر الْمَكَان الثَّانِي إِلَى ثَالِث ويتسلسل إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ وَهُوَ محَال وَأَيْضًا فَيلْزم الْقَائِل بِنَفْي الْجِهَة عَنهُ سُبْحَانَهُ أحد أَمريْن لَا محيص عَنْهُمَا إِمَّا أَن يَقُول إِنَّه سُبْحَانَهُ بعد انْتِهَاء الْعَالم مُحِيط بِهِ من سَائِر جوانبه وجهاته وَحِينَئِذٍ فَهُوَ تَعَالَى لَا فِي جِهَة بل فِي جَمِيع الْجِهَات لَكِن هَذَا لَا يُقَال بِهِ وَلَا أعلم أحدا قَالَ بِهِ وَإِمَّا أَن يَقُول إِنَّه سُبْحَانَهُ دَاخل الْعَالم أَو مَعَه ساريا فِي جَمِيعه كَمَا يَقُول بِهِ بعض المتصوفة حَتَّى رَأَيْت أكَابِر مشايخهم قد صرح فِي تصنيف لَهُ أَنه لَا تَخْلُو ذرة من ذرات الْعَالم من ذَات الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَهَذَا لَا يُقَال بِهِ لِأَنَّهُ إِمَّا يُوهم الْحُلُول أَو هُوَ لَازمه وَأَنه

1 / 107