أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

مرعي الكرمي ت. 1033 هجري
64

أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمشتبهات

محقق

شعيب الأرناؤوط

الناشر

مؤسسة الرسالة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦

مكان النشر

بيروت

سُبْحَانَهُ مختلط بالمخلوقات تَعَالَى الله عَن ذَلِك وَهَذَا خلاف إِجْمَاع الْمُسلمين وَقد وَقع فِي هَذَا كثير من المتصوفة فَجعلُوا الْوُجُود قَائِما بالرب محدودا بِحُدُودِهِ متكلما بِحُرُوفِهِ ويجعلونه سُبْحَانَهُ هُوَ الْمُتَكَلّم على ألسنتهم كالجني على لِسَان المصروع وَاعْلَم أَيْضا أَنه قد تخبطت فِي هَذَا الْمقَام عقول كثير من ذَوي الأفهام وَتَفَرَّقُوا فِي الْأَقْوَال وهم كَقَوْل من قَالَ ... النَّاس شَتَّى وآراء مفرقة ... كل يرى الْحق فِيمَا قَالَ واعتقدا ... وَلَقَد صرح كثير من المتصوفة أَن البارئ سُبْحَانَهُ هُوَ عين مَا ظهر وَمَا بطن من الْوُجُود وَأَنه تَعَالَى هُوَ الْعَالم بأسره وَقد شافهني بعض مشايخهم المتعمقين بذلك فَقلت لَهُ وَمن أَيْن دَلِيل هَذَا فَقَالَ من قَوْله سُبْحَانَهُ ﴿هُوَ الأول وَالْآخر وَالظَّاهِر وَالْبَاطِن﴾ الْحَدِيد ٣ فَإِذا كَانَ هُوَ يَقُول هُوَ الظَّاهِر وَالْبَاطِن أَتَقول أَنْت لَا فعجبت من مقَالَته وَمن تَحْسِين الشَّيْطَان لعقول هَؤُلَاءِ الخرافات والمحالات فَقَرَأَ فِي الْمجْلس قَارِئ عشر قُرْآن وَهُوَ ﴿لله مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْض﴾ الْآيَة فَقلت لَهُ أَيهَا الشَّيْخ هَذِه الْآيَة ترد مَا قلت حَيْثُ جعل لله مَا فيهمَا فَهُوَ سُبْحَانَهُ غَيرهمَا لَا عينهما فَقَالَ على الْفَوْر لله مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض بِفَتْح لَام لله فعجبت من هَذِه الفلسفة والزندقة والسفسطة المحققة أعاذنا الله تَعَالَى مِنْهَا وَمن الزيغ والضلال

1 / 108