السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين
الناشر
مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف هدية شهر شعبان ١٤١١ هـ
مكان النشر
مجلة الأزهر
تصانيف
ينبغي. كما في قوله تعالى عن أسارى بدر: ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ (١).
نعم نقول: إن الرسول ﷺ أذن له بالاجتهاد واجتهد ونعم نقول: إنَّ بعض اجتهاداته لم تصادف الصواب، لكن أين حكم الله تعالى في الأمر الذي اجتهد فيه محمد ﷺ ولم يصب؟
الاحتمالات العقلية أربعة:
١ - أما ألاَّ يكون الله تعالى حكم فيه أصلًا. وهذا باطل، فكل شيء عنده بمقدار، و﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ﴾ (٢).
٢ - أنْ يكون لله تعالى فيه حكم مخالف لما حكم به محمد ﷺ، فيترك - جَلَّ شَأْنُهُ - حكم محمد ﷺ ساريًا على الأُمَّة ويوقف حكم نفسه ﷾، وهذا واضح البطلان، لأنَّ محمدًا ﷺ في هذه الحالة يكون مُشَرِّعًا غير شرع الله.
٣ - أنْ يكون لله تعالى حُكم مخالف لما حكم به محمد ﷺ باجتهاده، فيعدل سبحانه حكم محمد ﷺ ليوافق حكم الله.
٤ - أنْ يكون لله تعالى حكم موافق لما حكم به محمد ﷺ باجتهاده، أو بعبارة أدق: أنْ يكون حكم محمد ﷺ موافقًا لحكم الله، ومثل ذلك قوله ﷺ لسعد بن معاذ حين حُكِّمَ في بني قريظة فَحَكَمَ حُكمَهُ المشهور، فقال له رسول الله ﷺ: «حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ» (٣).
والحاصل الذي يجب الإيمان به أنَّ لله تعالى حُكمًا في العباد، هو شريعته في أرضه.
_________
(١) [الأنفال: ٦٧].
(٢) [يوسف: ٤٠].
(٣) رواه البخاري.
1 / 19