السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين
الناشر
مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف هدية شهر شعبان ١٤١١ هـ
مكان النشر
مجلة الأزهر
تصانيف
وأنَّ اجتهاد محمد ﷺ إنْ وافق حُكم الله فهو حُكم الله على لسان نبيه ﷺ، وإنْ لم يوافق حُكم الله عدله إلى حكمه - جَلَّ شَأْنُهُ -. وإذن تصبح الأحكام الدينية التي حكم بها محمد ﷺ أحكام الله في النهاية. وقبل لقائه الرفيق الأعلى ﷺ.
اللفظ والمراد منه:
نعم قد يكون النص الشرعي عامًا مرادًا به الخصوص، وهناك قرائن حال، وقرائن ألفاظ تمنع من العموم وتحدِّدُ المراد من المخصوص:
ففي تخصيص عموم الأمكنة مثلًا قوله ﷺ: «جُعِلَتْ لِيَ الأَرَضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (١) خصَّصَ هذا العموم بغير الأماكن النجسة.
وفي تخصيص عموم الأزمنة ما صحَّ في " البخاري " أنَّ النبي ﷺ في عام قحط وجدب قال لأصحابه: «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلاَ يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَفِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ» فأكل الصحابة وتصدَّقُوا بأضحيتهم قبل ثالث ليلة، وفي العام القابل - وكان عام رخاء - قهم الصحابة أنَّ الطلب السابق كان خاصًا بزمن، فسألوا رسول الله ﷺ: نفعل بأضحيتنا كما فعلنا العام الماضي؟ وكان ما توقَّعُوا. قال ﷺ: «كُلُوا، وَأَطْعِمُوا، وَادَّخِرُوا، فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهِ».
وفي تخصيص الأفراد قال ﷺ: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلاَّ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ» (٢)، ولم يكن المقصود بالأحد عموم
_________
(١) رواه البخاري.
(٢) رواه البخاري بمعناه.
1 / 20