الخراج
محقق
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
رقم الإصدار
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
سنة النشر
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
فَصْلٌ: فِي الْفَيْءِ وَالْخَرَاجِ
فَأَمَّا الْفَيْءُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ الْخَرَاجُ عِنْدَنَا خَرَاجُ الأَرْضِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ لأَنَّ اللَّه ﵎ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ﴾ [الْحَشْر: ٧] حَتَّى فَرَغَ مِنْ هَؤُلاءِ، ثُمَّ قَالَ ﷿: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾ [الْحَشْر: ٨]، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذين تبوأوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الْحَشْر: ٩]، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا للَّذين آمنُوا رَبنَا إِنَّك رؤوف رَحِيمٌ﴾ [الْحَشْر: ١٠] فَهَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِمَنْ جَاءَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ سَأَلَ بِلَال وَأَصْحَابه عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁ قِسْمَةَ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ، وَقَالُوا: اقْسِمِ الأَرْضِينَ بَيْنَ الَّذِينَ افْتَتَحُوهَا كَمَا تُقَسِّمُ غَنِيمَةَ الْعَسْكَرِ؛ فَأَبَى عمر ذَلِك عَلَيْهِم، ولات عَلَيْهِمْ هَذِهِ الآيَاتِ، وَقَالَ: قَدْ أَشْرَكَ اللَّهُ الَّذِينَ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِكُمْ فِي هَذَا الْفَيْءِ؛ فَلَوْ قَسَّمْتُهُ لَمْ يَبْقَ لِمَنْ بَعْدِكُمْ شَيْءٌ. وَلَئِنْ بَقِيتُ لَيَبْلُغَنَّ الرَّاعِي بِصَنْعَاءَ نَصِيبُهُ مِنْ هَذَا الْفَيْءِ وَدَمه فِي وَجهه.
حكم غنيمَة الأَرْض والأنهار:
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ مَشَايِخِنَا عَنْ يَزِيدِ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ أَنَّ عُمَرَ ﵁ كَتَبَ إِلَى سَعْدِ حِينَ افْتَتَحَ الْعِرَاقَ: أَمَّا بَعْدُ؛ فَقَدْ بَلَغَنِي كِتَابُكَ تَذْكُرُ فِيهِ أَنَّ النَّاسَ سَأَلُوكَ أَنْ تَقْسِمَ بَيْنَهُمْ مَغَانِمَهُمْ، وَمَا أَفَاءَ الله عَلَيْهِمْ؛ فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَانْظُرْ مَا أَجْلَبَ النَّاسُ عَلَيْكَ بِهِ إِلَى الْعَسْكَرِ مِنْ كِرَاعٍ وَمَالٍ، فَاقْسِمْهُ بَيْنَ مَنْ حَضَرَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَاتْرُكِ الأَرَضِينَ وَالأَنْهَارَ لِعُمَّالِهَا لِيَكُونَ ذَلِكَ فِي اعْطِيَاتِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّكَ إِنْ قَسَّمْتَهَا بَيْنَ مَنْ حَضَرَ لَمْ يَكُنْ لِمَنْ بعدهمْ شَيْء.
من أسلم قبل الْقِتَال وَبعده:
وَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُكَ أَنْ تَدْعُو مَنْ لَقِيتَ إِلَى الْإِسْلامِ قَبْلَ الْقِتَالِ؛ فَمَنْ أَجَابَ إِلَى ذَلِكَ قبل
1 / 34