الخراج
محقق
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
الناشر
المكتبة الأزهرية للتراث
رقم الإصدار
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
سنة النشر
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
الْقِتَالِ فَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَا لَهُمْ وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِمْ، وَلَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلامِ. وَمَنْ أَجَابَ بَعْدَ الْقِتَالِ وَبَعْدَ الْهَزِيمَةِ فَهُوَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَمَالَهُ لأَهْلِ الْإِسْلامِ؛ لأَنَّهُمْ قَدْ أَحْرَزُوهُ قَبْلَ إِسْلامِهِ؛ فَهَذَا أَمْرِي وعهدي إِلَيْك.
تدوين عمر ﵁ الدَّوَاوِين وَالْقَوْل فِي قسمه الأَرْض الْمَفْتُوحَة:
قَالَ أَبُو يُوسُف: وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ قَالُوا: لَمَّا قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ جَيْشُ الْعِرَاقِ مِنْ قِبَلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ شَاوَرَ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ﷺ فِي تَدْوِينِ الدَّوَاوِينِ. وَقَدْ كَانَ اتَّبَعَ رَأْيَ أَبِي بَكْر فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ النَّاسِ؛ فَلَمَّا جَاءَ فَتْحُ الْعِرَاقِ شَاوَرَ النَّاسَ فِي التَّفْضِيلِ، وَرَأَى أَنَّهُ الرَّأْيُ؛ فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مَنْ رَآهُ. وَشَاوَرَهُمْ فِي قِسْمَةِ الأَرَضِينَ الَّتِي أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ؛ فَتَكَلَّمَ قَوْمٌ فِيهَا وَأَرَادُوا أَنْ يَقْسِمَ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ وَمَا فَتَحُوا، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: فَكَيْفَ بِمَنْ يَأْتِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَيَجِدُونَ الأَرْضَ بِعُلُوجِهَا١ قَدِ اقْتُسِمَتْ وَوُرِّثَتْ عَنِ الآبَاءِ وَحِيزَتْ، مَا هَذَا بِرَأْيٍ؛ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ: فَمَا الرَّأْي، مَا الأَرْض والعلوج إِلَّا مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ عُمَرُ: مَا هُوَ إِلا كَمَا تَقُولُ، وَلَسْتُ أَرَى ذَلِكَ، وَاللَّهِ لَا يُفْتَحُ بَعْدِي بَلَدٌ فَيَكُونُ فِيهِ كَبِير نبيل؛ بَلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ كُلا عَلَى الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِذَا قُسِّمَتْ أَرْضُ الْعِرَاقِ بِعُلُوجِهَا، وَأَرْضُ الشَّامِ بِعُلُوجِهَا فَمَا يُسَدُّ بِهِ الثُّغُورُ وَمَا يَكُونُ لِلذُّرِّيَّةِ وَالأَرَامِلِ بِهَذَا الْبَلَدِ وَبِغَيْرِهِ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ وَالْعِرَاقِ؟
استشارة عمر الصَّحَابَة فِي قسْمَة الأَرْض الْمَفْتُوحَة:
فَأَكْثَرُوا عَلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَالُوا: أَتَقِفُ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْنَا بِأَسْيَافِنَا عَلَى قَوْمٍ لَمْ يَحْضُرُوا وَلَمْ يَشْهَدُوا، وَلأَبْنَاءِ الْقَوْمِ وَلأَبْنَاءِ أَبْنَائِهِمْ وَلَمْ يَحْضُرُوا؟
فَكَانَ عُمَرُ ﵁ لَا يَزِيدُ عَلَى أَنْ يَقُول: هَذَا رَأْي.
قَالُوا: فَاسْتَشِرْ. قَالَ: فَاسْتَشَارَ الْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ، فَاخْتَلَفُوا؛ فَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن عَوْفٍ ﵁ فَكَانَ رَأْيُهُ أَنْ تُقَسَّمَ لَهُمْ حُقُوقَهُمْ، وَرَأْيُ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَابْنَ عُمَرَ ﵃ رَأْيُ عُمَرَ.
فَأَرْسَلَ إِلَى عَشْرَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ: خَمْسَةٍ مِنَ الأَوْسِ وَخَمْسَةٍ مِنَ الْخَزْرَجِ مِنْ كُبَرَائِهِمْ وَأَشْرَافِهِمْ؛ فَلَمَّا اجْتَمَعُوا حَمَدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: إِنِّي لَمْ أُزْعِجَكُمْ إِلا
_________
١ العلوج كفار الْعَجم.
1 / 35