الأخلاق والسير في مداواة النفوس

ابن حزم ت. 456 هجري
44

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

محقق

بلا

الناشر

دار الآفاق الجديدة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

مكان النشر

بيروت

نجده أنتجت لَهُ عزة نَفسه فتنزه وَكَانَت فِيهِ طبيعة سخاوة نفس فَلم يهتم لما فَاتَهُ وَكَانَت فِيهِ طبيعة عدل حببت إِلَيْهِ القناعة وَقلة الطمع فَإِذن نزاهة النَّفس متركبة من هَذِه الصِّفَات فالطمع الَّذِي هُوَ ضدها متركب من الصِّفَات المضادة لهَذِهِ الصِّفَات الْأَرْبَع وَهِي الْجُبْن وَالشح والجور وَالْجهل وَالرَّغْبَة طمع مُسْتَوْفِي متزايد مُسْتَعْمل وَلَوْلَا الطمع مَا ذل أحد لأحد وَأَخْبرنِي أَبُو بكر بن أبي الْفَيَّاض قَالَ كتب عُثْمَان بن محامس على بَاب دَاره بأستجة (يَا عُثْمَان لَا تطمع) أَقْوَال فِي الْمحبَّة من امتحن بِقرب من يكره كمن امتحن ببعد من يحب وَلَا فرق إِذا دَعَا الْمُحب فِي السلو فإجابته مَضْمُونَة ودعوته مجابة إقنع بِمن عنْدك يقنع بك من عنْدك السعيد فِي الْمحبَّة هُوَ من ابْتُلِيَ بِمن يقدر أَن يلقِي عَلَيْهِ قفله وَلَا تلْحقهُ فِي مواصلته تبعة من الله ﷿ وَلَا ملامة من النَّاس وَصَلَاح ذَاك أَن يتوافقا فِي الْمحبَّة وتحريره أَن يَكُونَا خاليين من الْملَل فَإِنَّهُ خلق سوء مبغض وَتَمَامه نوم الْأَيَّام عَنْهُمَا مُدَّة انْتِفَاع بعضهما بِبَعْض وأنى بذلك إِلَّا فِي الْجنَّة وَأما ضَمَانه بِيَقِين فَلَيْسَ إِلَّا فِيهَا فَهِيَ دَار الْقَرار وَإِلَّا فَلَو حصل ذَلِك كُله فِي الدُّنْيَا لم تؤمن الفجائع ولقطع الْعُمر دون اسْتِيفَاء اللَّذَّة

1 / 54