الأخلاق والسير في مداواة النفوس

ابن حزم ت. 456 هجري
20

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

محقق

بلا

الناشر

دار الآفاق الجديدة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

مكان النشر

بيروت

من استخف بحرمات الله تَعَالَى فَلَا تأمنه على شَيْء مِمَّا تشفق عَلَيْهِ وجدت المشاركين بأرواحهم أَكثر من المشاركين بِأَمْوَالِهِمْ هَذَا شَيْء طَال إختباري إِيَّاه وَلم أجد قطّ على طول التجربة سواهُ فأعيتني معرفَة الْعلَّة فِي ذَلِك حَتَّى قدرت أَنه طبيعة فِي الْبشر من قَبِيح الظُّلم الْإِنْكَار على من أَكثر الْإِسَاءَة إِذا أحسن فِي الندرة من استراح من عَدو وَاحِد حدث لَهُ أَعدَاء كَثِيرَة أشبه مَا رَأَيْت بالدنيا خيال الظل وَهِي تماثيل مركبة على مطحنة خشب تدار بِسُرْعَة فتغيب طَائِفَة وتبدو أُخْرَى طَال تعجبي فِي الْمَوْت وَذَلِكَ أَنِّي صَحِبت أَقْوَامًا صُحْبَة الرّوح للجسد من صدق الْمَوَدَّة فَلَمَّا مَاتُوا رَأَيْت بَعضهم فِي النّوم وَلم أر بَعضهم وَقد كنت عَاهَدت بَعضهم فِي الْحَيَاة على التزوار فِي الْمَنَام بعد الْمَوْت إِن أمكن ذَلِك فَلم أره فِي النّوم بعد أَن تقدمني إِلَى دَار الْآخِرَة فَلَا أَدْرِي أنسي أَن شغل غَفلَة النَّفس ونسيانها مَا كَانَت فِيهِ فِي دَار الِابْتِلَاء قبل حلولها فِي الْجَسَد كغفلة من وَقع فِي طين غمر عَن كل مَا عهد وَعرف قبل ذَلِك ثمَّ أطلت الْفِكر أَيْضا فِي ذَلِك فلاح لي شعب زَائِد من الْبَيَان وَهُوَ أَنِّي رَأَيْت النَّائِم إِذْ هَمت نَفسه بالتخلي من جسده وَقَوي

1 / 30