الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

الزبير بن بكار ت. 256 هجري
70

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

محقق

سامي مكي العاني

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

مكان النشر

بيروت

١٠٦ - حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: " لَمَّا فَرَغَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِيِ طَالِبٍ ﵁ مِنْ دَفْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، قَامَ عَلِيٌّ عَلَى الْقَبْرِ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ: لُكُلِّ اجْتِمَاعٍ مِنْ خَلِيلَيْنِ فُرْقَةٌ ... وَكُلُّ الَّذِي دُونَ الْمَمَاتِ قَلِيلُ وَإِنَّ افْتِقَادِي وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ ... دَلِيلٌ عَلَى أَنْ لا يَدُومَ خَلِيلُ " ١٠٧ - حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، عَنِ ابْنِ الْكَلْبِيِّ، عَن ابْنِ أَبِي مَخْنَفٍ، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ قَيسٍ، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ صَبِيحَةَ جَاءَ نَعْيُ الأَشْتَرِ. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْنَا، قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ مَالِكًا وَمَا مَلَكَ، لَوْ كَانَ مِنْ جَبَلٍ لَكَانَ فِنْدًا، أَوْ مِنْ حَجَرٍ لَكَانَ صَلْدًا، عَلَى مِثْلِ مَالِكٍ فَلْتَبْكِ الْبَوَاكِي، وَهَلْ يُوجَدُ مِثْلُ مَالِكٍ» . قَالَ: فَمَا زَالَ يَتَلَهَّفُ عَلَيْهِ حَتَّى كَأَنَّهُ الْمُصَابُ بِهِ دُونَنَا حَدَّثَنِي مُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ عِيسَى بْنَ عَلِيٍّ، يَقُولُ: " كَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، لا يَحْجُبُنِي فِي خِلافَتِهِ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ يَوْمًا، فَلَمَّا دَخَلْتُ دَارَهُ، قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيَّ، ثُمَّ بَشَّرَنِي، وَهَنَّأَنِي. فَقُلْتُ لَهُ: مَا هَذِهِ الْبِشَارَةُ وَالتَّهْنِئَةُ؟ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ مُوسَى بْنِ كَعْبٍ مِنَ السِّنْدِ، وَقَدْ فَتَحَهَا اللَّهُ، وَهَذَا الْكِتَابُ مَعِي. قَالَ: فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ مِنْهُ، وَمَضَيْتُ أُرِيدُ الدُّخُولَ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ. فَوَثَبَ إِلَيَّ وَاثِبٌ مِنْ مَجْلِسِ أَبِي الْعَبَّاسِ، فَهَنَّأَنِي وَبَشَّرَنِي. فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الْبِشَارَةُ؟ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ مُحَمَّدِ بْنِ الأَشْعَثِ، مِنْ أَفْرِيقِيَّةَ. وَقَدْ فَتَحَهَا اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى أَبِي الْعَبَّاسِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، يُهَنِّيكَ النَّصْرُ وَالظَّفْرُ. قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ فَقُلْتُ: هَذَانِ رَسُولانِ قَدْ أَتَيَاكَ بِفَتْحِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قَالَ: قُلْتُ: مَا لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: يَا عَمُّ، غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، وَاللَّهِ مَا كُنَّا نَسْمَعُ الْعِلمَ وَلا نَأْخُذُهُ إِلا عَنْكُمْ، أَفَلَسْتُمْ أَنْتُمْ حَدَّثْتُمُونَا: أَنَّهُ إِذَا أَتَى الْقَائِمَ مِنَّا فَتَحُ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَمْ يَلْبِثْ أَنْ يَمُوتَ. قَالَ: فَأَذْكَرَنِي وَاللَّهِ حَدِيثًا قَدْ سَمِعْتُهُ وَعَلَّمْتُهُ لَكِنَّنِي أُنْسِيتُهُ، وَكَرِهْتُ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى قَوْلِهِ فَأَغُمَّهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي وَاللَّهِ لَو عَلِمْتُ ذَلِكَ حقًّا، مَا حَدَّثْتُكَ بِالْفَتْحِ، وَلا بَشَّرْتُكَ بِهِ، وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الأَحَادِيثِ بَاطِلٌ. قَالَ: دَعْ هَذَا عَنْكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُنْكِرُ نَفْسِي. قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى تَدَثَّرَ، فَمَكَثْتُ أَيَّامًا، ثُمَّ دَخَلْتُ يَوْمًا، فَقَالَ: أَيْ عَمِّ، إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَعْهَدَ. فَقُلْتُ: وَفَّقَ اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.

1 / 70