الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

الزبير بن بكار ت. 256 هجري
71

الأخبار الموفقيات للزبير بن بكار

محقق

سامي مكي العاني

الناشر

عالم الكتب

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٤١٦هـ-١٩٩٦م

مكان النشر

بيروت

قَالَ: فَدَعَا بِدَوَاةٍ ثُمَّ كَتَبَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا عَهِدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ، ثُمَّ كَفَّ عَنِ الْكِتَابِ، قَالَ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ، قَالَ: ثُمَّ أَتَمَّ الْكِتَابَ. هَذَا مَا عَهِدَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، فَإِنْ حَدَثَ بِعَبْدِ اللَّهِ حَدَثُ الْمَوْتِ فَإِلَى عِيسَى بْنِ مُوسَى ١٠٩ - حَدَّثَنِي الْمَدَائِنِيُّ، قَالَ: أُتِيُ عُمَرُ بِبُرُودٍ، فَقَالَ لِلَّذِي أَتَاهُ بِهَا: أَخْرِجْ لِي خَيْرَهَا وَشَرَّهَا، ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ بِالْحَسَنِ، فَلَمَّا أَتَاهُ دَفَعَ إِلَيْهِ خَيْرَهَا، ثُمَّ قَالَ لِشَرِّهَا: هَذَا نَصِيبُ عُمَرَ، وَقَسَّمَ الْبُرُودَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ حَدَثَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ حَدَثٌ، فَقَامَ عُمُرُ خَطِيبًا، وَعَلَيْهِ حُلَّةُ بُرْدَيْنِ، ائْتَزَرَ بَأَحَدِهِمَا، وَارْتَدَى بِالأُخْرَى. فَقَالَ سَلْمَانُ: لا نَسْمَعُ. قَالَ عُمَرُ: لِمَ؟ قَالَ: كَسَوْتَنَا بُرْدًا، وَنَرَى عَلَيْكَ بُرْدَيْنِ. فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَرَّتَيْنِ. فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ. فَقَالَ: لَبَّيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: نَاشَدْتُكَ اللَّهَ أَمَا كَسَوْتُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الْبُرْدَيْنِ؟ قَالَ: بَلَى. فَقَالَ سَلْمَانُ: قُلْ مَا شِئْتَ نَسْمَعُ لَكَ وَنُطِيعُ " حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: " كَتَبَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي قَدْ حَمَلْتُكُمْ عَلَى رَأْسِي، ثُمَّ عَلَى عَيْنِي، ثُمَّ عَلَى فَمِي، ثُمَّ عَلَى صَدْرِي، وَاللَّهِ لَئِنْ وَضَعْتُكُمْ تَحْتَ قَدَميَّ لَأَطَأَنَّكُمْ وَطْأَةً أَقِلُّ مِنْهَا عَدَدَكُمْ، وَأَتْرُكُكُمْ أَحَادِيثَ تُنْسَخُ مَعَ أَحَادِيثَ عَادٍ وَثَمُودَ. ثُمَّ تَمَثَّلَ هَذَا الشِّعْرَ: أَظُنُّ الْحِلْمَ دَلَّ عَلَيَّ قَوْمِي ... وَقَدْ يُسْتَجْهَلُ الرَّجُلُ الْحَلِيمُ وَمَارَسْتُ الرِّجَالَ وَمَارَسُونِي ... فَمُعْوَجٌّ عَلَيَّ وَمُسْتَقِيمُ وَلَكِنِّي أُلاقِي مُنْكَرَاتٍ ... فَأُنْكِرُهَا وَمَا أَنَا بِالظَّلُومُ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي، يَأْتِينِي بَعْدَ كِتَابِي هَذَا، إِلا خَلْعُكُمْ، وَلا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي إِلا نِقْمَتَكُمْ، فَإِذَا شِئْتُمْ، فَلا أَفْلَحَ مَنْ نَدِمَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعُتْبِيُّ، يَقُولُ: " سَأَلَ أَعْرَابِيٌّ رَجُلا فَأَعْطَاهُ. فَقَالَ: جَعَلَ اللَّهُ الْمَعْرُوفَ عَلَيْكَ دَلِيلا، وَالْخَيْرَ شَاهِدًا، وَلا جَعَلَ حَظَّ القَّائِلِ مِنْكَ عُذْرًا ضَائِعًا ". وَقَالَ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَدْعُو فِي الصَّلاةِ، وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي عَمَلَ الْخَائِفِينَ، وَخَوْفَ الْعَامِلِينَ، حَتَّى أَتَنَعَّمَ بِتَرْكِ النَّعِيمِ طَمَعًا فِيمَا وَعَدْتَ وَخَوْفًا مِمَّا أَوْعَدْتَ» . حَدَّثَنِي مُبَارَكٌ الطَّبَرِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ بْنَ يُونُسَ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْمَنْصُورَ، يَقُولُ: " الْخُلَفَاءُ أَرْبَعَةٌ، وَالْمُلُوكُ أَرْبَعَةٌ: فَالْخُلَفَاءُ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ ﵃. عَلِيٌّ مَا نَالَ، وَنِيلَ مِنْهُ أَعْظَمُ، وَلَنِعْمَ الرَّجُلُ كَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ مِنْ رَجُلٍ لَيْسَ لَهُ مِثْلُ قِدَمِ هَؤُلاءِ وَسَابِقَتِهِمْ.

1 / 71