أيها الناس، إنكم أصبحتم في زمن أطلع الجهاد لكم فيه ألويته، ونصب بين ظهرانيكم رايته، وصاح بأعلى صوته: هل من مجاهد، وعلى الخير مساعد. وأصبح الباغي يهم ويفعل، ويشير ويعمل، وأنتم غافلون عما يريد بكم من الإذلال والهوان، وكأنه إلى غيركم متوجه لا إلى هذه البلدان. وقد آن لأهل العقول النظر في العواقب، وفيما يثمر التصاغي عن الجهاد من أنواب النوائب والمعاطب، فلاقوا عدوكم بقلوب غير مستعدة للفرار، وأجسام غير منقلبة إلى هرب واعتذار. ولا تهنوا في ابتغاء القوم {إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون، وترجون من الله مالا يرجون}.
ألا لا يقول قائل من الناس لو كان رسول الله حيا لقاتلنا بين يديه. ولأقبلنا بأموالنا وأنفسنا صدقة لديه. فهذا ابنه، وهذا دينه، وهذه رايته، {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم، وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين}..الخ.
وسمعت محمود نديم بك معاون والي اليمن للأتراك يخبر شيخنا العلامة مفتي الأنام علي بن حسين المغربي في داره بصنعاء يوم ثالث شوال من هذا العام أنه قد كان دخول العساكر السلطانية من باب النحر إلى مدينة شهارة، فأجابه أن العساكر العثمانية في القرن الحادي عشر للهجرة قعدت المدة الطويلة جدا لمحاصرة الإمام القاسم بن محمد في شهارة، فقال محمود نديم: لا سواء بين المعدات الحربية في ذلك العصر والموجودة الآن، وبالغ في تهويل فعل المدفع الهاون الذي كان في آخر ذلك الأسبوع غنيمة لأصحاب الإمام. وبعد مدة من انهزام الأتراك عن شهارة أخبرنا عاملها الوالد العلامة محمد بن أحمد الشامي فوق الجسر المعمور بها أنه كان وثوقا بقول الله تعالى: {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} ونحوها، يقسم بالله أنه لا يتم أخذ الأتراك لها.
صفحة ٣٦