بما ألزموا به أنفسهم " وهذا أمر مشهور بين العلماء فلا نحتاج إلى إيراد الادلة عليه . على أن ذلك ليس عاما في كل ما أورده من أحاديث في كتابي ، فإن منها ما يبدو عليه علائم الصحة - كأن يكون بيانا للقرآن الكريم ، أو متفقا مع العقل السليم ، أو جاء " على مقتضى الاصول التى قام عليها الدين ، وإليها قامت الدعوة ، ولاجلها منحت النبوة " أو أتنور خلال معانيه شعاعا من نور النبوة ، ولو كان خافتا ضئيلا - وهذا أمر أحسه بوجداني ، فما كان من مثل ذلك مما يطمئن به القلب ويسلم به العقل فأنا آخذ به وأرويه وأنا مطمئن وأعتبره من بيان الرسول للكتاب العزيز - وإن كنت على ثقة بعد ذلك كله من أنه من أحاديث الآحاد ، وأنه ظنى الدلالة بحيث لا يبلغ منزلة القطع الذى يفيد اليقين ، وأن روايته قد جاءت " بالمعنى " لا بأصل اللفظ الصحيح الذى نطق به النبي صلى الله عليه وسلم . ومن الاحاديث ما تقضى البداهة بصدقه كحديث : " لا تكتبوا عنى شيئا غير القرآن " وهو الحديث الذى بنينا عليه كتابنا هذا . ذلك بأن القرائن كلها تدل على صحته وجاء عمل الصحابة بتأييده ، فإنهم جميعا قد اتبعوه وامتنعوا عن كتابة أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ثم منعوها بالنهي عنها . ومن أجل ذلك جاءت هذه الاحاديث كلها بالرواية لا بالكتابة كما جاء القرآن . أما الملاحظة الثانية التى لاحظها الدكتور الفاضل فكانت بلسانه فقال : إنك قد أكثرت من النقل عن السيد رشيد رضا " رحمه الله " ، وهذه الملاحظة سمعتها كذلك من غيره من كبار العلماء ، وما لاحظه دكتورنا - ومن معه - هو حق لا أمارى فيه ! وجوابي عن هذه الملاحظة أنى لم أصنع ذلك عفوا أو فقرا من الادلة - وإنما كان ذلك مقصودا منى لاسباب مهمة . منها : أن هذا السيد يعتبر في هذا العصر من كبار أئمة الفقه المجتهدين عند أهل السنة
--- [ 35 ]
صفحة ٣٤