الذين يعتد برايهم ، ويوتق بهم ، ويؤخذ عنهم ، وأنه بلا منازع شيخ محدثي أهل السنة في عصرنا ، بحيث يعلم من أمر الاحاديث التى حملتها الكتب المشهورة لدى الجمهور ويدرك ما اعتراها من فعل الرواة وغير ذلك ، مما يتصل بموضوع كتابي ، ما لم يعلم مثله سواه ، وبحسبك أن الازهر - هذا المعهد العظيم - لم يخرج - في هذا العصر وفي عصور كثيرة - من يضارعه علما وبحثا ، وأنا أعرف ما أقول . على أنه فوق ذلك ورث علم الاستاذ الامام محمد عبده - وناهيك به علما وفضلا ، بحيث لا يختلف اثنان في أنه من كبار أئمة الدين المجتهدين - فما يقوله السيد رشيد إنما أعتبره كأنه صادر عن أستاذه الامام وذلك فيما أرى أنه من منهج الاستاذ الامام وأسلوبه في النظر إلى الدين (1) . ولانه قد جمع كل هذه الصفات تكون أقواله وآراؤه ولا ريب - عند الجمهور - حججا دامغة ، وبراهين مقنعة ، لا يستطيع أحد منهم أن يعارضها أو يمارى فيها . من أجل ذلك أكثرنا من الاستشهاد في كتابنا بأقواله وآرائه ، وجعلنا ذلك من الادلة القوية على ما نأتى به . والامر في هذا العالم كالامر في غيره ممن نستشهد بأقوالهم كابن تيمية الذى أكثرنا كذلك من النقل عنه ، ذلك أنه يلقب عند أهل السنة " بشيخ الاسلام " ، وله لدى الجمهور مقام ، أي مقام ، وإذا كنا نعرف لهذين العالمين الكبيرين قدرهما ، فإنا لنعلم كذلك ما يؤخذ عليهما - وكل أحد يؤخذ من قوله ويرد عليه ، إلا صاحب الرسالة صلوات الله عليه . وقد صنعنا ذلك لاننا على علم بما سيثور حول كتابنا من الذين يقولون إنهم من أهل السنة - وذلك بما سبق أن قابلونا به عندما نشرنا من فصول هذا الكتاب ما نشرنا على مجلة الرسالة قبل طبع كتابنا - طبعته الاولى - ببضع سنين . قد أيد ذلك ما ابتلينا به بعد ظهور الكتاب مطبوعا .
---
(1) قال العلامة الكبير الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخ الازهر (سابقا) رحمه الله : إذا كان الشيخ محمد عبده إماما في الدين فالسيد رشيد رضا لا شك صاحبه ومفسر مذهبه ومكمله ، وقد بذل منشئ المنار رحمة الله عليه مجهودا في هذه الناحية ضخما حافلا بالمباحث الدينية ، والمناقشات الفقهية ، وكان لهذا المجهود العظيم أثر غير ضئيل في طلاب العلوم الدينية ومناهجهم ، وفي توجيه الدراسات الشرعية في البلاد الاسلامية المختلفة (ص 15 من كتاب رائد الفكر المصرى) . (*)
--- [ 36 ]
صفحة ٣٥