آداب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير رضي الله عنه
الناشر
دار الأوراق الثقافية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
تصانيف
المكان من خضرة جميلة، ومياه وفيرة، تجلب الهدوء والروائح الزكية.
وعندما أخبر أسعد بن زرارة مصعب بن عمير ﵄ بقدوم أسيد بن الحضير ﵁ قال له مصعب ﵁: "إن يجلس أكلمه " (١)، فحرص مصعب بن عمير ﵁ على هذا الأدب النفسي؛ لذلك كرره مرةً ثانية عندما وصل أسيد بن الحضير ﵁ وقد كان في حالة غضب ومتشتّما، فقال له: أو تجلس فتسمع (٢)، فأراد من ذلك ﵁ التغيير من حال الغضبان من الوقوف إلى الجلوس، كما أن الوقوف يوحي إلى عدم الرضا بالحوار، ويعطي صاحبه شيئًا من الأنفة والتعالي، فيقوده ذلك إلى رفع الصوت واستعمال بعض الأقوال والأفعال التي تخل بالحوار وتعطل سيره، وأما الجلوس فيعطي النفس شيئًا من الارتياح والاستقرار النفسي.
ثالثًا: الإنصاف والعدل:
إن العدل والإنصاف يعطيان الحوار ثقة ومتانة بين المتحاورين، فمصعب بن عمير ﵁ ضمّن ذلك في حواره مع سعد بن معاذ ﵁ عندما أقبل عليه، حيث قال له: " أوَ تقعد فتسمع؟ فإن رضيت أمرًا ورغبت فيه قبلته، وإن كرهته عزلنا عنك ما تكره، قال سعد: أنصفت " (٣)، رغم أن مصعبًا ﵁ كان على الحق بمجيئه بالدين الإسلامي، ولكن أراد أن يبين مدى تمسكه بالعدل ليرضى سعد بن معاذ ﵁، مع حرصه الشديد على إقناعه بما جاء به.
_________
(١) ابن هشام: السيرة النبوية، ١/ ٤٣٥.
(٢) المصدر السابق، ١/ ٤٣٥.
(٣) المصدر السابق، ١/ ٤٣٥.
1 / 9