من معرفَة الْمُسلم ميزانية ثروته سنويا، فيوفق نفقاته على نِسْبَة ثروته ودخله، وَلَا شكّ أَن الْوَاحِد من الْأَرْبَعين يَكْفِي أَن يبْذل لأجل هَذِه الثَّمَرَة وَحدهَا.
والشريعة الإسلامية هِيَ أول شَرِيعَة ساقت النَّاس والحكومات لأصول البودجة المؤسس عَلَيْهِ فن الاقتصاد المالي، الإفرادي والسياسي.
ويخيل لي أَن سَبَب هَذَا الفتور، الَّذِي أخل حَتَّى فِي الدّين، هُوَ فقد الاجتماعات والمفاوضات؛ وَذَلِكَ أَن الْمُسلمين فِي الْقُرُون الْأَخِيرَة قد نسوا بِالْكُلِّيَّةِ حِكْمَة تشريع الْجَمَاعَة وَالْجُمُعَة وجمعية الْحَج؛ وَترك خطبائهم ووعاظهم، خوفًا من أهل السياسة، التَّعَرُّض للشؤون الْعَامَّة. كَمَا أَن علماءهم صَارُوا يسترون جبنهم بجعلهم التحدث فِي الْأُمُور العمومية والخوض فِيهَا من الفضول والاشتغال بِمَا لَا يُغني، وَإِن إتْيَان ذَلِك فِي الْجَوَامِع من اللَّغْو الَّذِي لَا يجوز، وَرُبمَا اعتبروه من الْغَيْبَة أَو التَّجَسُّس أَو السَّعْي بِالْفَسَادِ؛ فسرى ذَلِك إِلَى إِفْرَاد الْأمة، وَصَارَ كل شخص لَا يهتم إِلَّا بخويصة نَفسه وَحفظ حَيَاته
1 / 61