أَمْوَال الْأَغْنِيَاء حَقًا مَعْلُوما للبائس والمحروم، فَيُؤْخَذ من الْأَغْنِيَاء ويوزع على الْفُقَرَاء؛ وَهَذِه الحكومات الإسلامية، قد قلبت الْمَوْضُوع، فَصَارَت تجبي الْأَمْوَال من الْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِين وتبذلها للأغنياء، وتحابي بهَا المسرفين والسفهاء.
أجَاب السعيد الإنكليزي: أَن الْمُسلمين من حَيْثُ مجموعهم أَغْنِيَاء لَا يعوزهم المَال اللَّازِم للتدرج فِي الْعُلُوم، حَتَّى للسياحات البحرية والقطبية، لِأَن فَرِيضَة الزَّكَاة على مالكي النّصاب وَالْكَفَّارَات الْمَالِيَّة، جاعلة لفقراء الْأمة وَبَعض المصاريف العمومية نَصِيبا غير قَلِيل فِي مَال الْأَغْنِيَاء؛ بِحَيْثُ إِذا عَاشَ الْمُسلمُونَ مُسلمين حَقِيقَة أمنُوا الْفقر، وعاشوا عيشة الِاشْتِرَاك العمومي المنتظم الَّتِي يتَمَنَّى مَا هُوَ من نوعها أغلب الْعَالم المتمدن الإفرنجي، وهم لم يهتدوا بعد لطريقة نيلها، مَعَ أَنه تسْعَى وَرَاء ذَلِك مِنْهُم جمعيات وعصبيات مكونة من ملايين باسم (كومون، وفنيان، ونيهلست، وسوسيالست)، كلهَا تطلب التَّسَاوِي أَو التقارب فِي الْحُقُوق وَالْحَالة المعاشية؛ ذَلِك التَّسَاوِي والتقارب المقررين فِي الإسلامية دينا بوسيلة أَنْوَاع الزَّكَاة وَالْكَفَّارَات، وَلَكِن تَعْطِيل إيتَاء الزَّكَاة وإيفاء الْكَفَّارَات سَبَب بعض الفتور المبحوث فِيهِ، كَمَا سَبَب إهمال الزَّكَاة فقد الثمرات الْعَظِيمَة
1 / 60