وعَلى ضبط وزن التمايل وأصول الإنشاد؛ وَلَا ننسى خطباءنا واقتصارهم على تكْرَار عِبَارَات فِي النَّعْت، وَالدُّعَاء للغزاة والمجاهدين، وتعداد فَضَائِل الْعِبَادَات.
وَالْحَاصِل أَن تقصيرات الْعلمَاء الأقدمين، واقتصارات الْمُتَأَخِّرين، وتباعد الْمُسلمين إِلَى الْآن عَن الْعُلُوم النافعة الحيوية، جعلتهم أحط بِكَثِير عَن الْأُمَم. وَلَا شكّ أَنه إِذا تَمَادى تباعدهم هَذَا خمسين عَاما أُخْرَى، تبعد النِّسْبَة بَينهم وَبَين جيرانهم كبعدها مَا بَين الْإِنْسَان وَبَاقِي أَنْوَاع الْحَيَوَان. فبناء عَلَيْهِ، يكون ناموس الارتقاء هُوَ الْمُسَبّب لهَذَا الفتور، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (قل هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ) .
فَأَجَابَهُ الْكَامِل الإسكندري: أَن هَذَا سَبَب من الْأَسْبَاب، وَلَا يَكْفِي وَحده لحل الأشكال، لِأَن فقد الْعُلُوم الْحكمِيَّة والطبيعية لَا يصلح سَببا لفقد الإحساس الملي والأخلاق الْعَالِيَة، لِأَنَّهَا تُوجد فِي أعرق الْأُمَم جَهَالَة، وَإِنَّمَا سَبَب فتور حياتنا الأدبية هُوَ يأسنا من المباراة، وَذَلِكَ أننا كُنَّا عُلَمَاء راشدين، وَكَانَ جيراننا متأخرين عَنَّا، فَعرفنَا الْبَقَاء فنمنا، واجتهدوا فلحقونا، ولبثنا نياما فاجتازوا وسبقونا، وتركونا وَرَاء؛ وَطَالَ نومنا، فَبعد الشوط حَتَّى صَار
1 / 57