بالمقايسة على أَن نَبينَا، عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام، أفضل الْعَالمين عقلا وأخلاقًا؛ وكإثباتهم بالمقابلة أَن ديننَا أسمى الديانَات حِكْمَة ومزية.
وَعِنْدِي انه لَوْلَا هَذَا الْقُصُور مَا وَقع الْمُسلمُونَ فِي هَذَا الفتور؛ والأمل بعناية الله انهم بعد زمَان قصير أَو طَوِيل، لَا بُد أَن يلتفتوا لهَذِهِ الْعُلُوم النافعة، فيستعيدوا نشأتهم، بل يجلبوا إِلَى دينهم الْعَالم المتمدن، لِأَن نور المعارف، على قدر أبعاده الْعُقَلَاء عَن النَّصْرَانِيَّة وأمثالها، يقربهُمْ من الإسلامية لِأَن الدّين المملوء بالخرافات وَالْعقل المتنور لَا يَجْتَمِعَانِ فِي دماغ وَاحِد (مرحى) .
ثمَّ أَن تبعه هَذَا التَّقْصِير، وَإِن كَانَت تلْحق عُلَمَاء الْأمة الْمُتَقَدِّمين، إِلَّا أَن علماءنا الْمُتَأَخِّرين اكثر قصورًا؛ لأَنهم فِي زمَان ظَهرت فِيهِ فَوَائِد هَذِه الْعُلُوم، وَلم يحصل فيهم ميل لاقتباسها؛ بل نراهم مقتصرين على تدريس اللُّغَة وَالْفِقْه فَقَط، أَو بعلاوة شَيْء من الْمنطق إتماما للعقائد، وَشَيْء من الْحساب إكمالًا للفرائض والمواريث قَلما يُفِيد.
وَكَذَلِكَ نرى وعاظنا مقتصرين على الْبَحْث فِي النَّوَافِل والقربات المزيدة فِي الدّين، وَرِوَايَة الحكايات الْإسْرَائِيلِيات؛ وَمثلهمْ المرشدون أهل الطرائق، مقتصرون على حكايات نَوَادِر الزهاد، من صَحِيح وموضوع، وَرِوَايَة كرامات الإنجاب والنقباء والإبدال،
1 / 56