المصارع السَّيئَة؛ فاقتبس لَهُم المدلسون كثيرًاُ مِمَّا بَيناهُ، وطبقوه على الدّين وَإِن كَانَ الدّين يأباه، وزينه لَهُم الشَّيْطَان بِأَنَّهُ من دقائق الدّين وآدابه، وَمن هَذِه العواصم سرى ذَلِك إِلَى الْآفَاق بالعدوى من الْأُمَرَاء إِلَى الْعلمَاء الأغبياء إِلَى الْعَوام.
فَهَؤُلَاءِ المدلسون قد نالوا بسحرهم نفوذًا عَظِيما، بِهِ أفسدوا كثيرا فِي الدّين، وَبِه جعلُوا كثيرا من الْمدَارِس تكايا للبطالين الَّذين يشْهدُونَ لَهُم زورًا بالكرامات المرهبة، وَبِه حولوا كثيرا من الْجَوَامِع مجامع للطبالين، الَّذين ترتج من دوِي طبولهم قُلُوب المتوهمين وتكفهر أعصابهم، فيتلبسهم نوع من الخبل يَظُنُّونَهُ حَالَة من الْخُشُوع؛ وَبِه جعلُوا زَكَاة الْأمة ووصاياها رزقا لَهُم، وَبِه جعلُوا مداخيل أوقاف الْمُلُوك والأمراء عطايا لاتباعهم، مِمَّا يُسمى فِي الْبِلَاد العثمانية (دعاكو وطعامية) (مرحى) .
1 / 44