وَبِذَلِك ضَاقَ على الْعلمَاء الخناق، لَا رزق وَلَا حُرْمَة، وَكفى بذلك مضيعا للْعلم وللدين؛ لِأَنَّهُ قد الْتبس على الْعَامَّة عُلَمَاء الدّين الْفُقَرَاء الأذلاء من هَؤُلَاءِ المدلسين الْأَغْنِيَاء الأعزاء، فتشوشت عقائدهم وَضعف يقينهم. فضيع الاكثرون حُدُود الله وتجاوزوها، وَفقدُوا قُوَّة قوانين الله ففسدت أَيْضا دنياهم واعتراهم هَذَا الفتور.
أجَاب الْمولى الرُّومِي: أَن كل الديانَات معرضة بالتمادي لأنواع من التشويش وَالْفساد، وَلَكِن لَا تفقد من أَهلهَا حكماء ذَوي نشاط وعزم، ينبهون النَّاس ويرفعون الالتباس، أَو يعوضون قَوَاعِد الدّين إِذا كَانَ أَصْلهَا واهيا فوهنت بقوانين مَوْضُوعَة تقوم بنظام دنياهم؛ ويتحملون فِي سَبِيل ذَلِك مَا يتحملون من المشاق خدمَة لأفكارهم السامية، ويفدون مَا عز وَهَان حفظا لشرفهم، الْقَائِم بشرف قَومهمْ، بل حفظا لحياتهم وحياة قَومهمْ من أَن يصبحوا أَمْوَاتًا متحركين فِي أَيدي أَقوام آخَرين.
وَلَقَد أثبت الْحُكَمَاء المدققون بعد الْبَحْث الطَّوِيل العميق، أَن المنشأ الْأَصْلِيّ لكل شقاء فِي بني حَوَّاء هُوَ أَمر وَاحِد لَا ثَانِي لَهُ: إِلَّا
1 / 45