لَهُم رسوما تميل إِلَيْهَا النُّفُوس الضعيفة الخاملة، سَموهَا آدَاب السلوك، مَا انْزِلْ الله بهَا من سُلْطَان وَلَا عمل بهَا صَحَابِيّ أَو تَابِعِيّ، ظَاهرهَا أدب وباطنها تشريع وشرك؛ وبجذبهم البلة الْجَاهِلين بتصعيب الدّين من طَرِيق الْعلم وَالْعَمَل بِظَاهِر الشَّرْع، وتهوينه كل التهوين من طَرِيق الِاعْتِقَاد بهم وبأصحاب الفتور. وَقد تجاسروا على وضع أَحَادِيث مكذوبة أشاعوها فِي مؤلفاتهم، حَتَّى الْتبس أمرهَا على كثير من الْعلمَاء المخلصين من الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين، مَعَ أَنَّهَا لَا أصل لَهَا فِي كتب الحَدِيث الْمُعْتَبرَة. وجلبوا النَّاس بالترهيب وَالتَّرْغِيب، ترغيبًا بالاستفادة من الدُّخُول فِي الرابطات والعصبيات المنعقدة بَين أشياعهم، وترهيبًا بتهديدهم معاكسيهم أَو مسيئي الظَّن بهم أَو بإضرارهم فِي أنفسهم وَأَوْلَادهمْ وَأَمْوَالهمْ، ضَرَرا يتعجلهم فِي دنياهم قبل آخرتهم (مرحى) .
وَقد قَامَ لهَؤُلَاء المدلسين أسواق فِي بَغْدَاد ومصر وَالشَّام وتلمسان قَدِيما، وَلَكِن لاكسوقها فِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة مُنْذُ أَرْبَعَة قُرُون إِلَى الْآن، حَتَّى صَارَت فِيهَا هَذِه الأوهام السحرية والخزعبلات كَأَنَّهَا هِيَ دين مُعظم أَهلهَا، لَا الْإِسْلَام؛ وَكَأَنَّهُم لما ورثوا عَن الرّوم الْملك، حرصوا على أَن يرثوا طبائعهم أَيْضا حَتَّى التَّوَسُّع فِي هَذِه
1 / 43