من حظر الكهنة الكاثوليك قِرَاءَة الْإِنْجِيل على غَيرهم، وسد الْيَهُود بَاب الْأَخْذ من التَّوْرَاة وتمسكهم بالتلمود إِلَى غير ذَلِك مِمَّا جَاءَ بِهِ المدلسون تقليدًا لهَؤُلَاء شبْرًا شبْرًا، واقتفاء لأثرهم حجرا حجرا، وَهَكَذَا إِذا تتبعنا الْبدع الطارئة نجد أَكْثَرهَا مقتبسا وقليلها مخترعا.
وَقد فعل المدلسون ذَلِك سحرًا لعقول الجهلاء، واختلابا لقلوب الضُّعَفَاء: كالنساء وَذَوي الْأَهْوَاء والأمراض القلبية أَو العصبية من الْعَامَّة، والأمراء الليني القياد طبعا إِلَى الشّرك، لِأَن التَّعَبُّد رَغْبَة أَو رهبة لما بَين أَيْديهم وَتَحْت أنظارهم أقرب إِلَى مداركهم من عبَادَة آله لَيْسَ بجوهر وَلَا عرض وَلَيْسَ كمثله شَيْء، وَلِأَن التَّعَبُّد باللهو واللعب أَهْون على النَّفس والطبع من الْقيام بتكليفات الشَّرْع، كَمَا وصف الله تَعَالَى عبَادَة مُشْركي الْعَرَب فَقَالَ: (وَمَا كَانَ صلَاتهم عِنْد الْبَيْت إِلَّا مكاء وتصدية) أَي صفيرا وتصفيقًا، وَهَؤُلَاء جعلُوا عبَادَة الله تصفيقًا وشهيقًا وخلاعة ونعيقًا (مرحى) .
وَالْحَاصِل، أَن بذلك وَأَمْثَاله نجح المدلسون فِيمَا يقصدون، وَلَا سِيمَا بِدَعْوَى فِئَة مِنْهُم الْكَرَامَة على الله وَالتَّصَرُّف بالمقادير، وباستمالتهم الْعَامَّة بالزهد الْكَاذِب والورع الْبَاطِل والتقشف الشيطاني؛ وبتزينهم
1 / 42