يوفق بَين أمرائنا أَو يلْزمهُم وَيجمع كلمتنا. وَقد زَاد على ذَلِك فَقدنَا الرابطة الجنسية أَيْضا فَإِن الْمُسلمين فِي غير جَزِيرَة الْعَرَب لفيف إخلاط دخلاء، وبقايا أَقوام شَتَّى لَا تجمعهم جَامِعَة غير التَّوَجُّه إِلَى هَذِه الْكَعْبَة المعظمة.
وَمن الْمُقَرّر الْمَعْرُوف انه لَوْلَا رُؤَسَاء الدّين فِي سَائِر الْملَل وروابطهم المنتظمة المطردة، أَو من يقوم مقَام الرؤساء من الدعاة أَو مديري أَو معلمي الْمدَارِس الجامعة المتحدة المبادئ، لضاعت الْأَدْيَان وتشعبت أَخْلَاق الْأُمَم، ونالهم مَا نالنا من أَن كل فَرد منا أصبح أمة فِي ذَاته.
أَجَابَهُ الْمُحَقق الْمدنِي: أَن فقد الرابطة الدِّينِيَّة والوحدة الخلقية لَا يكفيان أَن يَكُونَا سَببا للفتور الْعَام، بل لَا بُد لذَلِك من سَبَب أَعم وأهم.
ثمَّ قَالَ: أما أَنا، فَالَّذِي يجول فِي فكري، أَن الطامة من تشويش الدّين وَالدُّنْيَا على الْعَامَّة بِسَبَب الْعلمَاء المدلسين وغلاة المتصوفين الَّذين استولوا على الدّين فضيعوه، وضيعوا أَهله، وَذَلِكَ أَن الدّين إِنَّمَا يعرف بِالْعلمِ، وَالْعلم يعرف بالعلماء العاملين، وأعمال الْعلمَاء قيامهم فِي الْأمة مقَام الْأَنْبِيَاء فِي الْهِدَايَة إِلَى خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. وَلَا شكّ
1 / 39