أنوشروان عَابِد الْكَوَاكِب فَقَالَ: (ولدت فِي زمن الْملك الْعَادِل) .
وَحكى ابْن طَبَاطَبَا فِي الْآدَاب السُّلْطَانِيَّة والدول الإسلامية أَنه لما فتح السُّلْطَان هلاكو (وَهُوَ مَجُوسِيّ) بَغْدَاد سنة ٦٥٦، أَمر أَن يستفتي علماؤها أَيهمَا أفضل السُّلْطَان الْكَافِر الْعَادِل أم السُّلْطَان الْمُسلم الجائر، فَاجْتمع الْعلمَاء فِي المستنصرية لذَلِك، فَلَمَّا وقفُوا على الْفتيا احجموا عَن الْجَواب، حَيْثُ كَانَ رَضِي الدّين عَليّ بن طَاوُوس حَاضرا، وَكَانَ مقدما مُحْتَرما، فَتَنَاول الْفتيا وَوضع خطه فِيهَا بتفضيل الْعَادِل الْكَافِر على الْمُسلم الجائر، فَوضع الْعلمَاء خطوطهم بعده.
ثمَّ قَالَ: إِنِّي أَظن أَن السَّبَب الْأَعْظَم لمحنتنا هُوَ انحلال الرابطة الدِّينِيَّة، لِأَن مبْنى ديننَا على أَن الْوَلَاء فِيهِ لعامة الْمُسلمين؛ فَلَا يخْتَص بِحِفْظ الرابطة والسيطرة على الشئون العمومية رُؤَسَاء دين سوى الإِمَام أَن وجد؛ وَإِلَّا فَالْأَمْر يبْقى فوضى بَين الْجَمِيع، وَإِذا صَار الْأَمر فوضى بَين الْكل فبالطبع تختل الجامعة الدِّينِيَّة وتنحل الرابطة السياسية كَمَا هُوَ الْوَاقِع.
وَمن أَيْن لنا حَكِيم (كبسمرك) أَو مُلْزم (كغاريبالدى)
1 / 38