: (لتأمرون بِالْمَعْرُوفِ ولتنهون عَن الْمُنكر أَو ليستعملن الله عَلَيْكُم شِرَاركُمْ فيسومونكم سوء الْعَذَاب) . إِلَى غير ذَلِك من الْآيَات الْبَينَات وَالْأَحَادِيث المنذرات القاضيات بالخذلان على تاركي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر، فَهَذَا هُوَ السَّبَب الناشيء عَنهُ الفتور.
أَجَابَهُ المرشد الفاسي: أننا كُنَّا على عهد السّلف الصَّالح شريعتنا سمحاء وَاضِحَة المسالك، مَعْرُوفَة الْوَاجِبَات والمناهي، فَكَانَ الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر وَظِيفَة لكل مُسلم ومسلمة، وَكُنَّا فِي بساطة من الْعَيْش، متفرغين لذَلِك، ثمَّ شغلنا شَأْن التَّوَسُّع فخصصنا لذَلِك محتسبين، ثمَّ دخل فِي ديننَا أَقوام ذَوُو بَأْس ونفاق أَقَامُوا الِاكْتِسَاب مَكَان الاحتساب، وحصروا اهتمامهم فِي الجباية وآلتها الَّتِي هِيَ الجندية فَقَط، فَبَطل الاحتساب وَبَطل الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر طبعا، فَهَذَا يصلح أَن يكون سَببا من جملَة الْأَسْبَاب، وَلكنه لَا يَكْفِي وَحده لَا يراث مَا نَحن فِيهِ من الفتور.
على أَن انحصار همة الْأُمَرَاء الدخلاء فِي الجباية والجندية أدّى بهم لإهمال الدّين كليًا، وَلَوْلَا أَن فِي الْقُرْآن آيَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ لهجروه ظهريًا، إِحْدَاهمَا قَوْله تَعَالَى: (وَأَطيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي
1 / 36