ومنها: أن البعد عن منة الغير محمود؛ لأن في الرواية أنهم لما امتنعوا قال لهم: ألا تأكلون؟ قالوا: لا نأكل طعاما إلا بثمن، قال إبراهيم: فإن لهذا ثمنا، قالوا: وما ثمنه ؟ قال: تذكرون الله تعالى على أوله، وتحمدونه على آخره، فقال جبريل -عليه السلام- لميكائيل -عليه السلام-: حق لهذا أن يتخذه ربه خليلا.
قوله تعالى:
{قالت ياويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب، قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد، فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط، إن إبراهيم لحليم أواه منيب، يا إبراهيم أعرض عن هذا}
هذه الجملة لها ثمرات:
الأولى: أن سن الإياس المرجع به إلى جري العادة؛ لأن تعجبها بقولها:{ياويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا} لأن سارة زوجة إبراهيم كانت ابنة ثمان وتسعين سنة وإبراهيم -عليه السلام- مائة وعشرون سنة، وقيل غير ذلك، وتعجبها مخالف العادة؛ لأن الله سبحانه لم يجر العادة بذلك وإن كان قادرا على مخالفة هذه العادة.
وعن علي بن عيسى: إن العجوز إنمالم تلد لكون الماء الذي يخلق منه الولد ينقطع منها، بدليل انقطاع الحيض، وهذا يرجع إلى الأول، وهو أن العادة أجراها الله بقطعه أو بأن لا يخلق منه الولد.
وأما القول بأن الطبع موجب: فذلك كفر.
وقد اختلف الفقهاء في المدة التي ينقطع فيها الحيض والحبل:
فالهادي ,والمؤيد بالله: قدرا ذلك بالستين.
وزيد بن علي ,ومحمد بن الحسن بالخمسين.
وقال الشافعي : يرجع إلى عادة النساء.
والمنصور بالله قال في القرشية: بالستين وفي العربية :بالخمسين، وفي العجمية :بالأربعين.
صفحہ 59