الوجه الثاني: أن أرباب الأموال لو حملوا زكاتهم إلى الإمام سقط سهم العامل.
قيل: وبعث السعاة عندنا مستحب غير واجب.
وأما الشافعي فأوجب ذلك ليأخذوا ما فرض لهم، وتتعلق بهذه الجملة فوائد:
الأولى: قال في الانتصار: إذا تولى الإمام قسمة الصدقات لم يستحق شيئا لأجل العمل؛ لأن رزقه مفروض من بيت المال.
وروي أن عمر -رضي الله عنه- شرب لبنا فقيل له: إنه من إبل الصدقة، فأدخل يده في فيه فاستقاءه، فعل ذلك كراهة لوقوفه في بطنه، وليس حقا له، وحذرا أن يتعود الناس ذلك، وكذا يستحب لمن أكل حراما لا يعلمه أن يتقيأه.
الثانية: ذكرها في الانتصار أنه يستحب للإمام بعث السعاة في المحرم؛ لأنه أول السنة العربية.
وعن عثمان أنه قال: هذا المحرم وهو شهر زكاتكم. ولا يبعث إلا عدلا، ويستحب أن يكون فقيها ليدري ما يأخذ.
وقال في الوجيز: يستحب للساعي أن يعلم في السنة شهرا لأخذ الزكاة، وأن ترد المواشي إلى مضيق قريب من المرعى ليسهل عليه الأخذ والعد.
قال في الانتصار: ومؤنة الحشد وهو الجمع على المالك، وكذلك أجرة الكيال؛ لأن ذلك للتمكن من الاستيفاء، ويكره تكليف أهل المواشي حملها إلى المصدق، ويكره لهم إبعادها من المياه، وفي الحديث: ((لا جلب ولا جنب)) وفيه تأويلان:
الأول: لا يجب على أهل المواشي حلبها إلى المتصدق.
وقوله: لا جنب لا تبعدونها إلى الأماكن البعيدة، فيشق على العامل.
التأويل الثاني: أن المراد لا يجلب على حبل السباق بطبل أو نشن باسر [بالشين]حثا على السبق، ومعنى لا جنب أي : لا يكون هناك جنيب للسباق.
الثالثة: أنه يستحب للعامل أو للإمام أن يدعو للمؤدي فيقول: أجرك الله فيما أعطيت، وجعله لك طهورا، وبارك لك فيما أبقيت.
وعن داود وأصحابه: يجب الدعاء.
قال الإمام يحيى: ويستحب أن يقول في دعائه: اللهم صل على آل فلان، كما قاله لأبي أوفى.
صفحہ 23