الله والمنسوبين إلى العلم على المجاز لا على الحقيقة.
ومما ذكرناه من أن العلماء بالحقيقة هم أولياء الله ما جاء فى كتاب الدعائم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تعلموا من عالم أهل بيتى أو ممن تعلم من عالم أهل بيتى تنجوا من النار».
وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جاء فى الدعائم يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين وتأويل الغالين، يعنى بالعدول هاهنا الأئمة صلى الله عليهم فهم حملة العلم الحقيقى الذي استودعوه وأقيموا لبيانه ونفى التحريف وفساد التأويل عنه وانتحال ما ينتحله الضالون عنهم فيه من القول بآرائهم وأهوائهم.
ومما ذكرناه من أن العالم غير العامل بما يعلمه من علمه لا يعد عالما فى الحقيقة ما جاء فى الدعائم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: «أول العلم الصمت» يعنى صمت الطالب له لمن يفيده عنه وترك اعتراضه بالقول والمعارضة عليه فيه كالذى عارض به موسى عليه السلام العالم الذي صحبه من إنكاره عليه ما لم يعلمه وأن يكون ذلك الصمت مقرونا بالنية فى ترك إنكار ما يسمعه والاعتراض فيه فإنه متى اعترض السامع على من يفيده بقوله أو أعرض عنه بقلبه حرم نفع ما يسمعه منه كما حرم موسى عليه السلام خير العالم حين اعتراضه عليه وكما لا ينتفع بالقول من أعرض بقلبه عنه ولم يتلقه بالقبول عمن يسمعه منه. قال صلى الله عليه وسلم: والثانى الاستماع يعنى على ما قدمنا القول به من الإصغاء والقبول فأما من استمع ما لم يقبل عليه بقلبه لم يلقنه ولم يعه. ومن ذلك قول الله:@QUR017 «ومنهم من يستمع إليك حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ما ذا قال آنفا» فأخبر أنهم لم يعوا ما سمعوه ولم يفهموه إذ لم يقبلوا بقلوبهم عليه. قال: والثالث نشره يعنى نشر ما أذن للسامع فى إذاعته منه لا ما نهى عن إذاعته ونشره، لأن نشر ما منع من نشره وإذاعة ما أمر بكتمانه خيانة وتعد من فاعل ذلك. قال صلى الله عليه وسلم: والرابع العمل به فجعل العمل جزءا من أجزاء العلم وحدا من حدوده فمن لم يعمل بعلمه لم يكن كاملا فى العلم ولا عالما فى الحقيقة.
صفحہ 67