ثم ملك من بعد المنذر بن إمرى ء القيس ثانيا، وذلك إن كسرى أنوشيروان لما فرغ من إصطلام الزنادقة بلغه أن آكل المرار قبل الزنادقة فبعث إلى المنذر من أشخصه إلى حضرته، فقواه برجال من الأساورة ورده إلى الحيرة ملكا. وفي ولاية ابن إمرى ء القيس كان إمرؤ القيس الشاعر، لأن الباعث في طلب سلاحه كان الحارث بن أبي شمر الغساني وهو الحارث الأكبر قاتل المنذر بن إمرى ء القيس، وذلك قبل مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقريب من أربعين سنة، لأن مولده كان بعد قعود أنوشيروان بملكه بأربعين سنة. ومما يستدل به في أيام إمرؤ القيس قوله في شعره يذم من غدر بأبيه من بني تميم.
لا حميري وفا ولا عدس ... ولا إست عير تحكه الثفر
عدس: جد لقيط وحاجب إبني زرارة، والعلم عند الله.
عمرو بن المنذر:
وهو الذي يقال له عمرو بن هند وهو مضرط الحجارة ومحرق الثاني، وأمه هند بنت عمة إمرى ء القيس الشاعر بنت عمرو بن الكندي آكل المرار. ولدت للمنذر بن ماء السماء عمرا وقابوسا والمنذر، هو الذي قتل به عمرو بن كلثوم ولذلك قال الأخطل:
أبني كليب إن عمي اللذا ... قتلا الملوك وفككا الأغلالا
يعني بأحد عميه عمرو بن كلثوم، قاتل عمرو بن هند وبالعم الآخر مرة بن كلثوم قاتل المنذر بن النعمان بن المنذر. وكان عمرو ابن هند شديد السلطان، وهو الذي غزا تميما في دارها فقتل من بني دارم ماية نفس يوم أوارة الثاني بأخيه أسعد بن المنذر. وكان ملك عمرو ابن هند ست عشرة سنة في زمن أنوشيروان، ولثماني سنين وستة أشهر من ملك عمرو بن هند كان ميلاد النبي عليه السلام، وذلك عام الفيل وهو العام الذي غزا أبرهة الأشرم أبو يكسوم مكة ومعه الفيل، وذلك لأربع وثلاثين سنة وثمانية أشهر، بل يقول لاحدى وأربعين سنة مضت من ملك أنوشيروان بن قباد، وملك عمرو بن هند بعد ذلك سبع سنين وستة أشهر.
صفحہ 84