تاريخ الفنون وأشهر الصور

سلامة موسى d. 1377 AH
40

تاريخ الفنون وأشهر الصور

تاريخ الفنون وأشهر الصور

اصناف

ويلي «جينز بورا» في الشهرة في رسم الأشخاص «رومني» الذي ولد سنة 1734. وقد أهمل تعليمه في الصغر، وكان يعاون أباه في حانوت صغير يملكه. فلما بلغ العشرين رأى رجلا رساما جوابا يسير من مدينة إلى أخرى ويرسم للناس بأجور بخسة، ففتنت الشاب «رومني» حياة التجوال وسار معه تاركا أباه. وشرع يتعلم الرسم ولكنه في السنة التالية مرض، وكانت ممرضته فتاة ساذجة أحبها وتزوجها بحكم عاطفة الحنان التي تشتد وقت المرض والوحدة، وكانت هذه الغلطة الكبرى في حياته فإنه عندما ارتفعت أحواله ونبغ في الرسم، ورحل إلى لندن وأقام بها، لم يستطع أن يحضر معه زوجته لسذاجتها. فبقي طول حياته منفردا في لندن.

ولما أقام في لندن نشط في الرسم، فكثرت أرباحه واستطاع عندئذ أن يتوفر على بعض الرسوم التاريخية مثل: «وفاة ولف»، و«وفاة الملك إدوارد» التي نال عليها جائزة جمعية الفنون. واستطاع بما أحرزه من الثروة أن يسافر إلى إيطاليا، ونزل في رومية حيث أخذ يدرس رسامي النهضة. وفي عودته إلى لندن زار البندقية وبارما.

وكان رسم الأشخاص قد ذاع بين الناس في ذلك الوقت، حتى إن «رينولدز» عندما بلغت تركته 80000 جنيه، وبلغ دخل «رومني» 3635 جنيها في سنة 1785. وهذه أرقام ضخمة إذا عرفنا أن قيمتها وقتئذ كانت أضعاف قيمتها الآن.

وأحسن ما يذكر به «رومني» الآن صورته للفتاة «أماليون» التي عرفت بعد ذلك باسم «الليدي هاملتون». وكانت هذه الفتاة فقيرة تعيش بحماية من يدعى «شارل جريفل». فلما ضاق سلمها لعمه السير هاملتون. وقد أحبها «رومني» وبقي خمس سنوات وهو يرسمها رسوما مختلفة، وقد كثرت الأقوال عن علاقتهما، ولكن الأرجح أن حبه لها كان أفلاطونيا وأن إعجابه بجمالها كان فنيا أكثر مما كان جنسيا. وهذه الفتاة هي التي عشقها بعد ذلك اللورد نلسون.

ومن رسومه المشهورة «المسز روبنسون» أو «برديتا». وهي ممثلة كانت في «حماية» ولي العهد الذي صار بعد ذلك جورج الرابع. ولكنه تخلى عنها بعد أن أعطاها صكا بعشرين ألف جنيه لم يدفعها. وماتت المسكينة سنة 1800 فقيرة مفلوجة.

وفي الصورتين نجد عطفا من «رومني» يكاد يكون عطف الأب على ابنته أكثر مما نجد غراما، فقد رسم الليدي هاملتون والمسز روبنسون وكأنه يعطف على حالهما. ويريد أن يظهرنا على الجوهرة المكنونة من الجمال التي في كل منهما. وله صورة أخرى تعرف باسم «ابنة القسيس» لا يعرف أصلها.

ولم يستدع «رومني» زوجته إلى لندن استحياء من الجمهور المتمدن أن يرى هذه الفتاة الساذجة كما سلف، ولكنه كان يبعث إليها بالمعونة المالية. ولما اقتربت وفاته قصد إليها فمات بين ذراعيها سنة 1802.

وقد أنجبت إسكوتلاندة رساما عظيما في ذلك الوقت هو «رايبورن» الذي ولد سنة 1756 في ضاحية من ضواحي أدنبره. ودخل المدرسة ولكنه كان يقضي وقته في رسم المعلمين والتلاميذ رسوما كريكاتورية، فأخرجه أبوه وألحقه بصائغ حتى يتعلم منه صياغة الذهب، ولكنه دأب في الرسم حتى برع فيه، وأسس مرسما له في أدنبره. وحدث أن قصدت إليه سيدة أرملة لكي يرسمها، فأحبها وتزوجها. وكان لها مال أغناه عن ابتذال نفسه في الرسوم التجارية.

وفي سنة 1785 زار لندن والتقى هناك برينولدز، فحثه هذا على زيارة إيطاليا «لكي يتشبع بميخائيل أنجلو». وعرض عليه المعونة المالية التي ظن أنه يحتاج إليها، ولكن «رايبورن» لم يكن في حاجة إليها. وسافر إلى إيطاليا ومكث في رومية سنتين، وعاد سنة 1787 إلى أدنبره حيث استفاضت شهرته. وبقي إلى يوم وفاته سنة 1823 وهو في سعادة وإقبال يغبط عليهما، ولم يذهب إلى لندن للرسم. فقد استمع لنصيحة لورنس الذي قال إنه خير له أن يكون أول رسام في أدنبره من أن يكون «أحد» الرسامين في لندن.

قال أوربن: «والأرجح أن رايبورن كان سديد النظر حين استقر رأيه على الإقامة في إسكوتلاندة فإن مما يشك فيه أن حبه للصدق والحق في رسومه كان يجد من يرضى به في لندن، وكان أقوى رسام في المدرسة الإنجليزية في القرن الثامن عشر، ولم ينجح أحد قط في رسم شخص الإنسان على القماش كما نجح هو. ومع أنه قد ترك لنا بضعة رسوم فخمة للنساء فإن تفوقه كان في رسم الرجال. وأحسن رسومه هو رسم «السير جون سنكلير» وهو رسم يمكن أن يعد من حيث الحيوية والوقار والقوة من أحسن رسوم الرجال في العالم».

نامعلوم صفحہ