وراعى في تشريعها جميع هذه الحالات ، توسعة منه على عباده وتسهيلا عليهم في امتثال أوامره ونواهيه.
ففي حالة السفر فرض عليهم قصر الصلاة ، والإتيان بها ركعتين بدلا من أربع ركعات ، قال سبحانه : ( وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا ) فقد نفى في هذه الآية عن الإنسان أي جناح ان قصر من صلاته إذا ضرب في الأرض ، ولكن الآية الكريمة ليس فيها ما يشير إلى كمية المسافة وكيفيتها ، وفي مثل ذلك يكون المرجع في حكمها ، وتحديد موضوعها وبيان ما أجملته الآية الكريمة هو الرسول (ص) وقد بين جميع ما هو متروك اليه قولا وعملا ، ورواه عنه الأمناء الحريصون على سنته وسيرته ، ونتج من إجمال الآية واختلاف الرواة فيما نقلوه عن الرسول (ص)، واختلافهم في فهم الحديث ، نتج من جميع ذلك الخلاف الواقع بين علماء المسلمين في مقدار المسافة وكيفيتها وان هذا النوع من التشريع هو ترخيص للمسافر بقصر الصلاة أو إلزام له بذلك ، فالشيعة الإمامية يرون ان قصر الصلاة حكم إلزامي ويوافقهم في ذلك جماعة من أهل السنة الأحناف اتباع أبي حنيفة ، ولكن الإمامية يرون أن المسافة التي يجب فيها القصر هي ثمانية فراسخ ذهابا ، أو ملفقة من الذهاب والإياب ، بينما يرى الأحناف أنها أربعة وعشرون فرسخا ذهابا ولا يشرع القصر في أقل من ذلك. والقائلون بأن تشريع القصر في السفر ليس إلزاميا كما يرى ذلك ائمة المذاهب الثلاثة ، ما عدا الأحناف. يرون أن المسافة التي يباح فيها للمسافر ان يصلي الظهر والعصر والعشاء ركعتين بدلا من أربع ركعات لكل فريضة ، هي ستة عشر فرسخا ذهابا ولا يضر النقصان اليسير عن ذلك. هذه هي الخطوط الرئيسية للخلاف بين الشيعة الإمامية وغيرهم
صفحہ 44