قبل المعركة بذل الحسين (ع) كل ما في وسعه ليرد جيش ابن زياد عن غيه وضلاله وخرج إليهم ليخطبهم فرج رؤساء القوم بالضجيج حتى لا يسمع الجيش صوته، فصابرهم الحسين (ع) حتى ملوا من الضجيج فخطب فيهم بعد الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: (( أنسبوني من أنا هل يحل لكم قتلي وانتهاك حرمتى؟ ألست ابن بنت نبيكم؟ أولم يبلغكم ما قاله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي ولأخي: هذان سيدا شباب أهل الجنة؟ ويحكم!. أتطلبونني بقتيل لكم قتلته أو مال لكم استهلكته؟ )). ثم نادى بأسماء أنصاره الذين استدعوه إلى الكوفة ثم خرجوا لحربه فقال: (( يا شبث بن الربعي! يا حجار بن أبحر! يا قيس بن الأشعث، يا يزيد بن الحارث! يا عمر بن الحجاج!.. ألم تكتبوا لي أنه قد أينعت الثمار واخضرت الجنان، وإنما تقدم على جند لك مجند (1) ؟
وكذلك قام بعده بطل من أبطال كربلاء (( زهير بن القين )) وحذرهم من عذاب الله وقال في خطبته (( يا أهل الكوفة: نذار لكم من عذاب الله نذار. إن حقا على المسلم نصيحة المسلم، ونحن حتى الآن إخوة على دين واحد، لم يقع بيننا وبينكم السيف، فإذا وقع السيف انقطعت العصمة، وكنا نحن أمة وأنتم أمة، إن الله قد ابتلانا وإياكم بذرية نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم لينظر ما نحن وأنتم عاملون، وإنا ندعوكم إلى نصر حسين وخذلان الطاغية بن الطاغية عبيد الله بن زياد فإنكم لا تدركون منهم إلا سوءا )) وذكر أفعال بني أمية وذكرهم بمقتل حجر وأصحابه وهاني بن عروة، ولكن خسة ودناءة القوم جعلتهم يتوعدونه ويتوعدون الحسين بأنهم سيقتلونهم أو يسلمونهم صاغرين إلى عبيد الله بن زياد. وخيم الوجوم في المعسكر وتمالكتهم الحيرة والقلق.
مقتل الحسين (ع)
فأطلق عمر بن سعد أول سهم وقال: اشهدوا لي عند الأمير أني أول من رمى. وتبعه جيشه فلم يبق أحد من أصحاب الحسين (ع) إلا وأصابه سهم.
صفحہ 60