وبعدها تقدم أهل بيت الحسين (ع) وأصحابه إلى المعركة وانكشفت تلك الجحافل ولم تثبت لجيش الحسين (ع)، ولم تستطع خيل عمر بن سعد التقدم فتبارزوا فلم يتقدم أو يتعرض أحد من جيش عمر بن سعد للقتال إلا قتل أو هرب.
وصاح (( عمر بن الحجاج )) برفاقه أتدرون من تقاتلون؟ تقاتلون فرسان المصر وقوما مستميتين، لا يبرز إليهم منكم أحد فإنهم قليل، لو لم ترموهم إلا بالحجارة لقتلتموهم. وعجزت خيل ابن سعد رغم كثرتها عن مقاومة خيل الحسين(ع) فبعث إليه (( عمر بن قيس )) قائد الخيل يقول: الا ترى ما تلقى خيلى هذا اليوم من هذه القوة اليسيرة؟! إبعث إليهم الرجال والرماة، فبعث إليهم بخمسمائة من الرماة وعلى رأسهم(( الحصين بن نمير )) فرشقوا أصحاب الحسين (ع) بالنبل حتى عقروا الخيل وجرحوا الفرسان والرجال (1).
ووقف أصحاب الحسين (ع) يتلقفون الشهادة تلقفا، ويقبلون على الموت ويتسابقون إليه، وذهب أصحاب الحسين (ع) شهداء وكان كلما قتل شهيد حمله الحسين(ع) إلى جانب إخوانه وبقي الحسين(ع) في أرض المعركة وحيدا فريدا يقاسي العطش والجوع، ونزف الجراح، ومتابعة القتال والطواغيت يحيطون به من كل جانب فقاتل (ع) قتال الأبطال يحمل على القوم حتى يهزمهم ثم يعود إلى مكانه واشتد عليه العطش وجعل يطلب الماء فقال له شمر: والله لا ترده أو ترد النار. ثم ناداه عبيد الله بن حصن: ألا ترى إلى الفرات يا حسين كأنه بطون الحياة والله لا تذوقه أو تموت عطشا. فقال الحسين(ع) : ((اللهم امته عطشا )) فكان الرجل يطلب الماء فيشرب حتى يخرج من فيه وهو يقول: أسقوني قتلني العطش حتى مات.
ودنا الحسين (ع) من الفرات ليشرب فرماه حصين بن نمير بسهم فوقع في فمه فجعل يتلقى الدم بيده ويرمي به إلى السماء ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال:
صفحہ 61