الموهوبة من قبله ﷿ وله الحمد والشكر، لا إله إلا هو.
وذكر الاوائل أيضا قسما آخر لأنواع الكمية التي ذكرنا وهي أيضا تنقسم قسمين: أحدهما: للذي هو [٢٢و] وضع والآخر لغير ذي وضع وتفسير ذلك أن قوله: " ذو وضع " عبارة عما ثبتت أجزاؤه، وقوله " ليس ذا وضع " إنما هو عبارة عما لا تثبت أجزاؤه.
فالذي ثبتت أجزاؤه هو الجرم والسطح والخط والمكان لأن أجزاء كل واحد من هذه ثابتة مع مرور العدد عليها، فانك كلما ذرعت المكان أو الجرم كان ما ذرعت منها باقيا مع ما يستأنف ذرعه من باقيه. والخط والسطح معدود الذرع مع عدد ذرع الجرم الحامل لهما.
وأما الذي هو غير وضع فهو الزمان والعدد والقول، فانك إذا قلت أمس أو عددت ساعات يومك وجدت كل ما تعد من ذلك فانيا ماضيا غير ثابت ولا باق، وهكذا ينقضى الأول فالأول من الزمان، وكل ما تقضى منه فهو فان معدوم، بخلاف ما ذكرنا، قبل، من بقاء أجزاء الجرم. ونجد أجزاء الزمان التي لم تأت بعد، معدومة، بخلاف جميع أجزاء الجرم، وما طواه العدد معه من سطوحه وخطوطه. وما أنت فيه من الزمان فلا يثبت ثباتا تقدر على إقراره وإمساكه أصلا بوجه من الوجوه، لكنه يثبت ثم ينقضى بلا مهلة، وهكذا أبدا. وكذلك أجزاء القول، إذا تكلمت عن حروفه ونظمه ومعانيه، فان كل ما تكلمت به من ذلك فقد فني وعدم، وما لم تتكلم به من ذلك فمعدوم لم يحدث بعد، والذي أنت فيه من كل ذلك لا قدرة لك على إثباته ولا إمساكه ولا إقراره أيضا أصلا، بوجه من الوجوه، لكن ينقضى أولا فأولا بلا مهلة، فسبحان مخترع العالم ومدبره.
وأما من ظن أن الكيفيات قد تدخل تحت الكمية أيضا وذلك لأنه سمع الناس يقولون: بياض كثير وبياض قليل، فذلك ظن فاسد لأنه إنما يعني بذلك سطح الجرم الحامل للون أو ضيقه وقلة ذرعه، وإنما الكية هاهنا لمساحة الجرم الحامل كما قدمنا قبل، وكذلك أيضًا من قال: عمل كثير أو طويل
1 / 50