واحدا إلى تراب، وحيطا إلى حيط، وما اشبه ذلك، وهذا إنما [يكون] بتلاقي سطحيهما، وكذلك إن التقى سطح وسطح، فصارا خطا واحدا، بعد ان كان السطحان [٢١ظ] مفترقين، كسطح عجين ضممته إلى سطح عجين آخر، فصارا عجيبا واحدا، وما اشبه ذلك. وكذلك القول في التقاء الخطين، وكل ذلك إنما هو بضم جرم إلى جرم، وكذلك مكان كان فيه زيد، ومكان كان فيه عمرو إلى جانبه، فقاما عنه، فصار المكانان مكانا واحدا، فهذا هو الفعل المشترك بين الجرمين الذي هو آخر الأول وأول الثاني وليس جزءا لهما ولا لواحد منهما وإنما هو نهاية ارتفعت الاجتماع الحادث. وكذلك الفصل المشترك للزمان، فهو قولك الآن، فان الآن نهاية للماضي وابتداء للمستقبل، فإذا أتى المستقبل، صار الذي كان الآن ماضيا، مع الماضي قبله، فاتحدا أي صارا زمانا واحدا ماضيا، وقولك " الآن " هو حال لا ماضيا ولا مستقبلا، فهذا هو الذي قلنا فيه إنه متصل الشيئان منه فيصيران شيئا واحدا.
وأما قولنا في العدد والقول: انهما منفصلان وان لهما ترتيبا وليس لهما فصل مشترك، فهو أن الحروف التي ذكرناها آنفا وهي حروف الهجاء فانه لا يجوز أن تجتمع الباء مع التاء فيصيران معا باء واحدة وتاء واحدة أو حرفا واحدا وكذلك الباء والتاء مع التاء وكل حرف مع مثله أو مع خلافه كذلك ولا فرق، بخلاف ما ذكرناه قبل من تصيير المكانين مكانا واحدا والجرمين جرما واحدا والسطحين سطحا واحدا والخطين خطا واحدا. لكن لهذه الحروف ترتيب في ضم إلى بعض، يقوم من ذلك الترتيب فهم المعاني في الكلام؛ وكذلك النغم، لا يجوز أن تصير النغمتان غمة واحدة ولا المعنيان معنى واحدا، ولكن لكل ذلك ترتيب معلوم، فلهذا سمى القول منفصلا، وقيل فيه: إنه له فصل مشترك. وكذلك العدد فانه لا يجوز أن تضم ثلاثة قد انتهت تبتدئها فتصير الثلاثتان ثلاثة واحدة. وهكذا كل عدد إلا أن يضم بعض الأعداد إلى بعض ترتيبا ونظما معلوما يعرف به نسبة بعضها من بعض وحدوث أعداد من جمع بعضها إلى بعض، فهذا غاية البيان في هذا الباب، ولم نترك فيه شيئا من اللبس بحول الله تعالى وقوته الواردة علينا
1 / 49