وقد يقول قائل: الوقف حيث صح لا بد أن يكون لمنفعة مقصودة، ومنفعة تزيين ذلك المكان به غير مقصودة للشرع، وتذهب منفعة ذلك الذهب بالكلية لأنه لا غاية له تصير إليه، وإذا قامت القيامة زالت الزينة. فنقول: منفعته في الدنيا الزينة والتعظيم لما هو منسوب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبقاء ذكر المهدى له ، فيذكر به، وذلك مقصود: {لسان صدق في الآخرين} (¬1) {وتركنا عليه في الآخرين} (¬2) وإذا قامت القيامة يجد ثوابه، وربما يجيء ذلك الذهب بعينه، فإن الله [تعالى] (¬3) مالك الدنيا والآخرة وما فيهما، وقد (¬4) يحلى أهل الجنتين بالذهب وبالفضة، فربما تأتي تلك الفضة والذهب بعينهما فيحلى بهما صاحبهما جزاء له، أو أحد من حشمه، ومن عنده، فيسر بذلك، أو يسر بمشاهدة النبي - صلى الله عليه وسلم - له في تلك الدار، /.وهذه نكتة لطيفة.
وحيث قلنا إنه ملك للحجرة (¬5) فلا زكاة فيه أيضا، كما لا زكاة في مال الكعبة وإن كان مملوكا؛ لأن الزكاة وإن تعلقت بالمال فلا بد من ملك مالك معين لها؛ إما مكلف، وإما متهيئ للتكليف، وفي دار التكليف، وأما ما قدمناه عن سحنون من المالكية، في أن الإمام يزكيه كل عام، كالعين المحبسة، فعجيب.
فصل:
صفحہ 55