462

تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

تنوير المقباس من تفسير ابن عباس

ناشر

دار الكتب العلمية

پبلشر کا مقام

لبنان

بِالْقَتْلِ ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَابُ النَّار﴾ أَشد من الْقَتْل
﴿ذَلِك﴾ الْجلاء وَالْعَذَاب ﴿بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ الله﴾ خالفوا الله ﴿وَرَسُولَهُ﴾ فِي الدّين ﴿وَمَن يُشَآقِّ الله﴾ يُخَالف الله فِي الدّين ويعاده ﴿فَإِنَّ الله شَدِيدُ الْعقَاب﴾ لَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
وَأمر النبى ﷺ وَأَصْحَابه بِقطع نخيلهم بعد مَا حَاصَرَهُمْ غير الْعَجْوَة فَإِنَّهُ لم يَأْمُرهُم بقطعها فَلَامَهُمْ بذلك بَنو النَّضِير فَقَالَ الله ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِّن لِّينَةٍ﴾ غير الْعَجْوَة ﴿أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً على أُصُولِهَا﴾ فَلم تقطعوها يَعْنِي الْعَجْوَة ﴿فَبِإِذْنِ الله﴾ فبأمر الله الْقطع وَالتّرْك ﴿وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقين﴾ لكَي يذل الْكَافرين يَعْنِي يهود بني النَّضِير بِمَا قطعْتُمْ من نخيلهم
﴿وَمَآ أَفَآءَ الله على رَسُولِهِ﴾ مَا فتح الله لرَسُوله ﴿مِنْهُمْ﴾ من بني النَّضِير فَهُوَ لرَسُول الله ﷺ خَاصَّة دونكم ﴿فَمَآ أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ﴾ فَمَا أجريتم إِلَيْهِ ﴿مِنْ خَيْلٍ وَلاَ رِكَابٍ﴾ إبل وَلَكِن مشيتم إِلَيْهِ مشيًا لِأَنَّهُ كَانَ قَرِيبا إِلَى الْمَدِينَة ﴿وَلَكِن الله يُسَلِّطُ رُسُلَهُ﴾ يَعْنِي مُحَمَّدًا ﷺ ﴿على مَن يَشَآءُ﴾ يَعْنِي بني النَّضِير ﴿وَالله على كُلِّ شَيْءٍ﴾ من النُّصْرَة وَالْغنيمَة ﴿قَدِيرٌ﴾
﴿مَّآ أَفَآءَ الله على رَسُولِهِ﴾ مَا فتح الله لرَسُوله ﴿مِنْ أَهْلِ الْقرى﴾ قرى عرينة وَقُرَيْظَة وَالنضير وفدك وخيبر ﴿فَلِلَّهِ﴾ خَاصَّة دونكم ﴿وَلِلرَّسُولِ﴾ وَأمر الرَّسُول فِيهَا جَائِز فَجعل النَّبِي ﷺ فدك وخيبر وَقفا لله على الْمَسَاكِين فَكَانَ فِي يَده فِي حَيَاته وَكَانَ فِي يَد أَبى بكر بعد موت النبى ﷺ وَكَذَلِكَ كَانَ فِي يَد عمر وَعُثْمَان وَعلي بن أبي طَالب على مَا كَانَ فِي يَد النبى ﷺ وَهَكَذَا الْيَوْم وَقسم النبى ﷺ غنيمَة قُرَيْظَة وَالنضير على فُقَرَاء الْمُهَاجِرين أَعْطَاهُم على قدر احتياجهم وعيالهم ﴿وَلِذِي الْقُرْبَى﴾ وَأعْطى بعضه لفقراء بني عبد الْمطلب ﴿واليتامى﴾ وَأعْطى بعضه لِلْيَتَامَى غير يتامى بني عبد الْمطلب ﴿وَالْمَسَاكِين﴾ وَأعْطى بعضه للْمَسَاكِين غير مَسَاكِين بني عبد الْمطلب ﴿وَابْن السَّبِيل﴾ الضَّيْف النَّازِل ومار الطَّرِيق ﴿كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً﴾ قسْمَة ﴿بَيْنَ الأغنيآء مِنكُمْ﴾ بَين الأقوياء مِنْكُم ﴿وَمَآ آتَاكُمُ الرَّسُول﴾ من الْغَنِيمَة ﴿فَخُذُوهُ﴾ فاقبلوه وَيُقَال مَا أَمركُم الرسولفاعملوا بِهِ ﴿وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهوا وَاتَّقوا الله﴾ اخشوا الله فِيمَا أَمركُم ﴿إِنَّ الله شَدِيدُ الْعقَاب﴾ إِذا عاقب وَذَلِكَ لأَنهم قَالُوا للنَّبِي ﷺ خُذ نصيبك من الْغَنِيمَة وَدعنَا وَإِيَّاهَا فَقَالَ الله لَهُم هَذِه الْغَنَائِم يَعْنِي سَبْعَة من الْحِيطَان من بني النَّضِير
﴿لِلْفُقَرَآءِ الْمُهَاجِرِينَ﴾ لأَنهم ﴿الَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ﴾ مَكَّة ﴿وَأَمْوَالِهِمْ﴾ أخرجهم أهل مَكَّة وَكَانُوا نَحْو مائَة رجل ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا﴾ يطْلبُونَ ثَوابًا ﴿مِّنَ الله وَرِضْوَانًا﴾ مرضاة رَبهم بِالْجِهَادِ ﴿وَيَنصُرُونَ الله وَرَسُولَهُ﴾ بِالْجِهَادِ ﴿أُولَئِكَ هُمُ الصادقون﴾ المصدقون بإيمَانهمْ وجهادهم
فَقَالَ النبى ﷺ للْأَنْصَار هَذِه الْغَنَائِم والحيطان للْفُقَرَاء الْمُهَاجِرين خَاصَّة دونكم إِن شِئْتُم قسمتم أَمْوَالكُم ودياركم للمهاجرين وَأقسم لكم من الْغَنَائِم وَإِن شِئْتُم لكم أَمْوَالكُم ودياركم وَأقسم الْغَنِيمَة بَين فُقَرَاء الْمُهَاجِرين فَقَالُوا يَا رَسُول الله نقسمهم أَمْوَالنَا ومنازلنا وَنُؤْثِرهُمْ على أَنْفُسنَا بِالْغَنِيمَةِ فَأثْنى الله عَلَيْهِم فَقَالَ ﴿وَالَّذين تبوؤوا الدَّار﴾ وطنوا دَار الْهِجْرَة للنبى ﷺ وَأَصْحَابه ﴿وَالْإِيمَان مِن قَبْلِهِمْ﴾ وَكَانُوا مُؤمنين من قبل مَجِيء الْمُهَاجِرين إِلَيْهِم ﴿يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِم﴾ إِلَى الْمَدِينَة من أَصْحَاب النبى ﷺ ﴿وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ﴾ فِي قُلُوبهم ﴿حَاجَةً﴾ حسدًا وَيُقَال حزازة ﴿مِّمَّآ أُوتُواْ﴾ مِمَّا أعْطوا من الْغَنَائِم دونهم ﴿وَيُؤْثِرُونَ على أَنفُسِهِمْ﴾ بِأَمْوَالِهِمْ ومنازلهم ﴿وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ﴾ فقر وحاجة ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ﴾ من دفع عَنهُ بخل نَفسه ﴿فَأُولَئِك هُمُ المفلحون﴾ الناجون من السخط وَالْعَذَاب
﴿وَالَّذين جاؤوا مِن بَعْدِهِمْ﴾ من بعد الْمُهَاجِرين الْأَوَّلين ﴿يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِر لَنَا﴾ ذنوبنا ﴿وَلإِخْوَانِنَا الَّذين سَبَقُونَا بِالْإِيمَان﴾

1 / 464