تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
ناشر
دار الكتب العلمية
پبلشر کا مقام
لبنان
فِي الدّين ﴿أُولَئِكَ فِي الأذلين﴾ مَعَ الأسفلين فِي النَّار يَعْنِي الْمُنَافِقين وَالْيَهُود
﴿كَتَبَ الله﴾ قضى الله ﴿لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ ورسلي﴾ يعْنى مُحَمَّدًا ﷺ على فَارس وَالروم وَالْيَهُود وَالْمُنَافِقِينَ ﴿إِنَّ الله قَوِيٌّ﴾ بنصرة أنبيائه ﴿عَزِيزٌ﴾ بنقمة أعدائه نزلت هَذِه الْآيَة فِي عبد الله بن أبي بن سلول حَيْثُ قَالَ للْمُؤْمِنين المخلصين أتظنون أَن يكون لكم فتح فَارس وَالروم
ثمَّ نزلت فِي حَاطِب بن أبي بلتعة رجل من أهل الْيمن الَّذِي كتب كتابا إِلَى أهل مَكَّة بسر النبى ﷺ فَقَالَ ﴿لاَّ تَجِدُ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿قَوْمًا﴾ يَعْنِي حَاطِبًا ﴿يُؤْمِنُونَ بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿يُوَآدُّونَ﴾ يناصحون ويوافقون فِي الدّين ﴿مَنْ حَآدَّ الله﴾ من خَالف الله ﴿وَرَسُولَهُ﴾ فِي الدّين يَعْنِي أهل مَكَّة ﴿وَلَوْ كَانُوا آبَآءَهُمْ﴾ فِي النّسَب ﴿أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ﴾ فِي النّسَب ﴿أَوْ عَشِيرَتَهُمْ﴾ أَو قَومهمْ أَو قرابتهم ﴿أُولَئِكَ﴾ يَعْنِي حَاطِبًا وَأَصْحَابه ﴿كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ﴾ جعل فى قُلُوبهم تَصْدِيق ﴿الْأَيْمَان﴾ وَحب الْإِيمَان ﴿وَأَيَّدَهُمْ﴾ أعانهم ﴿بِرُوحٍ مِّنْهُ﴾ برحمة مِنْهُ وَيُقَال أعانهم بعون مِنْهُ ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ﴾ بساتين ﴿تجْرِي من تحتهَا﴾ من تَحت شَجَرهَا ومساكنها ﴿الْأَنْهَار﴾ أَنهَار الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ مقيمين فِي الْجنَّة لَا يموتون وَلَا يخرجُون ﴿﵃﴾ بإيمَانهمْ وأعمالهم وتوبتهم ﴿وَرَضُواْ عَنْهُ﴾ بالثواب والكرامة من الله ﴿أُولَئِكَ﴾ يَعْنِي حَاطِبًا وَأَصْحَابه ﴿حِزْبُ الله﴾ جند الله ﴿أَلاَ إِنَّ حِزْبَ الله﴾ جند الله ﴿هُمُ المفلحون﴾ الناجون من السخط وَالْعَذَاب وهم الَّذين أدركوا ووجدوا مَا طلبُوا ونجوا من شَرّ مَا مِنْهُ هربوا وَكَانَ حَاطِب بن أبي بلتعة بَدْرِيًّا وقصته فى سُورَة الممتحنة
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْحَشْر وهى كلهَا مَكِّيَّة أَو مَدَنِيَّة آياتها أَربع وَعِشْرُونَ وكلماتها سَبْعمِائة وَخمْس وَأَرْبَعُونَ وحروفها ألف وَسَبْعمائة وَاثنا عشر حرفا
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿سبح لله﴾ يَقُول صلى الله وَيَقُول ذكر الله ﴿مَا فِي السَّمَاوَات﴾ من الْخلق ﴿وَمَا فِي الأَرْض﴾ من الْخلق ﴿وَهُوَ الْعَزِيز﴾ فِي ملكه وسلطانه ﴿الْحَكِيم﴾ فِي أمره وقضائه أَمر أَن لَا يعبد غَيره
﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذين كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكتاب﴾ يَعْنِي بني النَّضِير ﴿مِن دِيَارِهِمْ﴾ من مَنَازِلهمْ وحصونهم ﴿لأَوَّلِ الْحَشْر﴾ لأَنهم أول من حشر وَأخرج من الْمَدِينَة إِلَى الشَّام إِلَى أريحاء وَأَذْرعَات بعد مَا نقضوا عهودهم مَعَ النبى ﷺ بعد وقْعَة أحد ﴿مَا ظَنَنتُمْ﴾ مَا رجوتم يَا معشر الْمُؤمنِينَ ﴿أَن يَخْرُجُواْ﴾ يَعْنِي بني النَّضِير من الْمَدِينَة إِلَى الشَّام ﴿وظنوا﴾ يَعْنِي بني النَّضِير ﴿أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم﴾ أَن حصونهم تمنعهم ﴿مِّنَ الله﴾ من عَذَاب الله ﴿فَأَتَاهُمُ الله﴾ عذبهم الله وأخزاهم وأذلهم بقتل كَعْب بن الْأَشْرَف ﴿مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ﴾ لم يَظُنُّوا أَو لم يخَافُوا أَن ينزل بهم مَا نزل بهم من قتل كَعْب بن الْأَشْرَف ﴿وَقَذَفَ﴾ جعل ﴿فِي قُلُوبِهِمُ الرعب﴾ الْخَوْف من مُحَمَّد ﷺ وَأَصْحَابه وَكَانُوا لَا يخَافُونَ قبل ذَلِك ﴿يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ﴾ يهدمون بعض بُيُوتهم ﴿بِأَيْدِيهِمْ﴾ ويرمون بهَا إِلَى الْمُؤمنِينَ ﴿وَأَيْدِي الْمُؤمنِينَ﴾ ويتركون بعض بُيُوتهم على الْمُؤمنِينَ حَتَّى هدموا ورموا بهَا إِلَيْهِم ﴿فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار﴾ فِي الدّين وَيُقَال بالبصر بِمَا فعل الله بهم من الاجلاء
﴿وَلَوْلاَ أَن كَتَبَ الله﴾ قضى الله ﴿عَلَيْهِمُ﴾ على بني النَّضِير ﴿الْجلاء﴾ الْخُرُوج من الْمَدِينَة إِلَى الشَّام ﴿لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا﴾
1 / 463