============================================================
الشهيد ش معالم العدل والنوحيل السؤال الثالث: هب أنا سلمنا أن معرفة الله تعالى ممكنة، وأنها داخلة تحت قدرنا فلا نسلم آنها واجبة.
وبيانه من وجوه ثلاثة: أما أولا فإن الأعرابي الجلف ربما وصل إلى حضرة رسول الله صلى الله عليه وآله فنطق بكلمتي الشهادة وحكم الرسول عليه الصلاة والسلام بإسلامه. ونحن نعلم ضرورة أن معرفة الله تعالى ومعرفة ما يجوز عليه وما يستحيل وما يجب له ومعرفة شرائط المعجز ما كانت حاصلة لذلك الأعرابي الذي حكم الرسول بإسلامه، بل لو حاولنا تفهيمه صور هذه المسائل ما تصورها قط، وهذا يدل على أن المعرفة غير واجبة وإنما الواجب هو الاقرار والاعتقاد فقط.
وأما ثانيا: فلانه لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله ولا عن الصحابة والتابعين وجميع السلف الخوض في الأدلة على حدوث العالم وإثبات الصانع وبيان كونه عالما بكل المعلومات ودلالة المعجزات على صدق الأنبياء مع أن إيمانهم كان أتم من إيمان غيرهم، وهذا يدل على أنها غير واجبة.
وأما ثالثا فهو أنه عليه الصلاة والسلام شدد النكير على من خاض في هذه والأمور، احتى روي أنه خرج يوما إلى أصحابه فرآهم يتكلمون في القدر، فغضب حتى احمرت وجنتاه، وقال: "إنما هلك من كان قبلكم في خوضهم في هذا، عزمت عليكم ألا تخوضوا فيه"(1).
ا- أخرجه الترمذي (باب ما جاء في التشديد في الخوض في القدر) حديث رقم 2134، وقال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث صالح المري، وصالح المري له غرائب ينفرد بها لا يتابع عليها. المتقي: كنز العمال 192/1، حديث رقم 968.
صفحہ 54