تفسیر مجمع البیان
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
اصناف
(1) - بمظهر قال وحكى السراج عن المبرد عن أبي الحسن الأخفش أنه اسم مفرد مضمر يتغير آخره كما تتغير أواخر المضمرات لاختلاف أعداد المضمرين والكاف في إياك كالتي في ذلك وهي دالة على الخطاب فقط مجردة عن كونها علامة للمضمر فلا محل لها من الإعراب وأقول وهكذا الحكم في إياي وإيانا وإياه وإياها في أنها حروف تلحق إيا فالياء في إياي دليل على التكلم والهاء في إياه تدل على الغيبة لا على نفس الغائب ويجري التأكيد على إيا منصوبا تقول إياك نفسك رأيت وإياه نفسه ضربت وإياهم كلهم عنيت فاعرفه ولا يجيز أبو الحسن إياك وإيا زيد ويستقل روايتهم عن العرب إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب ويحمله على الشذوذ لأن الغرض في الإضافة التخصيص والمضمر على نهاية التخصيص فلا وجه إذا لإضافته والأصل في نستعين نستعون لأنه من المعونة والعون لكن الواو قلبت ياء لثقل الكسرة عليها فنقلت كسرتها إلى العين قبلها فتصير الياء ساكنة لأن هذا من الإعلال الذي يتبع بعضه بعضا نحو أعان يعين وقام يقوم وفي شرحه كلام وربما يأتي مشروحا فيما بعد إن شاء الله وقوله نعبد ونستعين مرفوع لوقوعه موقعا يصلح للاسم ألا ترى أنك لو قلت أنا عابدك وأنا مستعينك لقام مقامه وهذا المعنى عمل فيه الرفع وأما الإعراب في الفعل المضارع فلمضارعته الاسم لأن الأصل في الفعل البناء وإنما يعرب منه ما شابه الأسماء وهو ما لحقت أوله زيادة من هذه الزيادات الأربع التي هي الهمزة والنون والتاء والياء.
المعنى
قوله تعالى: «إياك نعبد وإياك نستعين» أدل على الاختصاص من أن نقول نعبدك ونستعينك لأن معناه نعبدك ولا نعبد سواك ونستعينك ولا نستعين غيرك كما إذا قال الرجل إياك أعني فمعناه لا أعني غيرك ويكون أبلغ من أن يقول أعنيك والعبادة ضرب من الشكر وغاية فيه لأنها الخضوع بأعلى مراتب الخضوعمع التعظيم بأعلى مراتب التعظيم ولا يستحق إلا بأصول النعم التي هي خلق الحياة والقدرة والشهوة ولا يقدر عليه غير الله تعالى فلذلك اختص سبحانه بأن يعبد ولا يستحق بعضنا على بعض العبادة كما يستحق بعضنا على بعض الشكر وتحسن الطاعة لغير الله تعالى ولا تحسن العبادة لغيره وقول من قال أن العبادة هي الطاعة للمعبود يفسد بأن الطاعة موافقة الأمر وقد يكون موافقا لأمره ولا يكون عابدا له ألا ترى أن الابن يوافق أمر الأب ولا يكون عابدا له وكذلك العبد يطيع مولاه ولا يكون عابدا له بطاعته إياه والكفار يعبدون الأصنام ولا يكونون مطيعين لهم إذ لا يتصور من جهتهم الأمر ومعنى قوله «إياك نستعين» إياك نستوفق ونطلب المعونة على عبادتك وعلى أمورنا كلها والتوفيق هو أن يجمع بين جميع الأسباب التي يحتاج إليها في
صفحہ 101