﴿وأرسلنا الرياح لواقح فأنزلنا من السماء ماءً فأسقيناكموه﴾
﴿فالجاريات﴾ هن السفن ﴿يسرًا﴾ أي: بسهولة، قال الله ﵎: ﴿إنا لما طغا الماء حملنكم في الجارية﴾ أي: في السفينة، هذه السفينة ميسرة بإذن الله ﷿ بما يسره الله تعالى من الرياح الطيبة، وكلما كانت الريح مناسبة كان سيرها أيسر، والآن جاءت السفن النارية التي لا تحتاج إلى الرياح فصارت أيسر وأيسر، تجدها قرى كاملة تمخر عباب الماء وتسير بسهولة، والارتباط بين هذه الثلاثة أن الرياح تحمل الأمطار، وأن السحب تحمل الأمطار، فتنزل إلى الأرض، فيكون الرزق للمواشي والآدميين، والجاريات أي السفن، هي أيضًا تحمل الأرزاق من جهة إلى جهة، فلا يمكن أن تصل الأرزاق من جهة إلى جهة أخرى بينها وبينها بحر إلا عن طريق السفن.
﴿فالمقسمات أمرًا﴾ وهم الملائكة، وجمعهم لأنه يجوز جمع المؤنث باعتبار الجماعات، أي: فالجماعات المقسمات ﴿أمرًا﴾ التي تقسم الأمر، أي: شئون الخلق، ويحتمل أن يكون ﴿أمرًا﴾ أي: بأمر الله، والمعنى صحيح على كلا التقديرين، فإن الملائكة عليهم الصلاة والسلام يقسمون ما يريد الله ﷿ من أرزاق الخلق وغيرها بأمر الله ﷿ هذه أربع جمل: الذاريات، الحاملات، الجاريات، المقسمات، كل هذه مقسم بها، والمقسم عليه: ﴿إنما توعدون لصادق﴾ يعني ما وعدكم الله تعالى فهو وعد صادق، والصادق هو المطابق للواقع، وذلك لأن الخبر نوعان: نوع يخالف الواقع، وهذا يسمى كذبًا،