تفسير سورة الذاريات
﴿بسم الله الرحمن الرحيم﴾ تقدم الكلام على البسملة، ﴿والذاريات ذروًا فالحاملات وقرًا فالجاريات يسرًا فالمقسمات أمرًا﴾ أقسم الله تعالى بهذه المخلوقات لأنها دالة على عظمته ﵎، ولما فيها من المصالح والمنافع، أما قوله: ﴿والذاريات ذروًا﴾ فالذاريات هي الرياح تذر التراب وغير التراب، قال الله ﵎: ﴿فأصبح هشيمًا تذروه الرياح﴾ أي: تفرقه في أمكنة متعددة، وأقسم الله بالذاريات لما فيها من المصالح الكثيرة، ففي تصريفها حكمة بالغة، فمنها الرياح الدافئة، ومنها الرياح الباردة، على حسب ما تقتضيه حكمة الله ﷿ ولأن الرياح تثير سحابًا فيسقي به الله الأرض؛ ولأنها تسير السفن، ففيما سبق كانت السفن تجري على الرياح، قال الله تعالى: ﴿حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان﴾ .
﴿فالحاملات وقرًا﴾ المراد بها السحاب، تحمل المياه موقرة، أي: مثقلة محملة، قال الله ﵎: ﴿هو الذي يريكم البرق خوفًا وطمعًا وينشىء السحاب الثقال﴾ فهي ثقيلة محملة بمياه عظيمة بحار، ولذلك تمطر فتجري الأرض أنهارًا بإذن الله ﷿ فالذاريات: الرياح، والحاملات: السحب، والارتباط بينهما ظاهر؛ لأن الرياح هي التي تثير السحاب وهي التي تلقح السحاب بالماء، قال الله تعالى: