طبقات مشائخ بمغرب
طبقات المشايخ بالمغرب لأبي العباس الدرجيني
اصناف
هؤلاء أولى بالاقتداء بهم فاتبع الذين صدقت أقاويلهم أفعالهم - أو قال أعمالهم - وانقطعت من الدنيا آمالهم وكأنما سمعوا بآذانهم إلى صراخ أهل النار فيها أو تشنيش غليان جماجم أهلها، فهم محزونون وإن ابتسموا إلى أخوانهم، وهم المنعمون(7) بسرور الدنيا وإن خالطوا أهلها فيها فأولئك الذين لا تعتريهم سآمة، ولا تجتريهم رغبة، ولا ينظرون إلى الدنيا بعين نقية، ولا يعقدون لها على مودة، ولا يفرحون فيها على زينة، بل ضربوا في السهم الأوفر، ولزموا الطريق الاقصد، وسلكوا السبيل الأرشد، وهم أئمة التقى ونجوم الهدى وإمام الدين، ومنار الإسلام، كلامهم حكمة، وسكوتهم حجة، ومباينتهم حسرة، ومخالطتهم غنيمة، والاستنان بهم حياة، والاقتداء بهم نجاة، فعليك أيها الزائغ عن طريقهم، والراغب عن سبيلهم بالاتباع، فانه ليس الاتباع كالابتداع، وعليك بطريق من كان بالله أعلم وبحلاله وحرامه منك أبصر، ومن طائفتك الشاذة وعصابتك المناكثة التي ليست بهادية ولا مهتدية بل ضالة مضلة، زائغة عن سبيل الرحمن سالكة لسبيل الشيطان.
الشيء يعرف بضده
اعلم يا قارئ القرآن انك لن تتلو القرآن حق تلاوته حتى تعرف الذي حرفه، ولم تعرف الكتاب حتى تعرف الذي نقضه، ولم تعرف الهدى حتى تعرف الضلال، ولم تعرف التقى حتى تعرف البدعة، فإذا عرفت البدعة في الدين والتكييف، عرفت الفرقة والتحريف، وأن من هوى كيف هوى، وأن علم القرآن ليس يعلمه إلا من يخافه، فابصر به من عمى وسمع به من صمم، واحيي به بعد إذ مات ونجا به من السيئات.
صفحہ 78