180

طبقات مشائخ بمغرب

طبقات المشايخ بالمغرب لأبي العباس الدرجيني

اصناف

الحكام الجورة لا يقفون عند حدود الله واعلم يا قارئ القرآن أن العهد بالرسول قد طال ولم يبق من القرآن إلا رسمه ولا من الإسلام إلا اسمه، وأن الله لم يجعل ما قسم بيننا نهبا، ولا ليغلب قوينا ضعيفنا، ولا كثيرنا قليلنا، بل قسم علينا برحمته الأقسام والعطايا بالعدل والإحسان، فمن اجترأ على الله ممن زعم أن له أقساما بين العباد سوى ما حكم به الكتاب، فبيننا وبينه الحكم، والعدل والشاهد الذي لا تكذب شهادته ولا تبطل عدالته، فلو كانت الأحكام كما حكم به أهل الجور والآثام لما كان بيننا خصام ولا تداعينا إلى حاكم كما لا يستأذن بعضنا بعضا في اللحا والألوان، وتمام الخلق والنقصان، وقديما اتخذت الجبابرة عباد الله خولا، ودينه دغلا، وماله دولا، واستحلوا الخمر بالنبيذ والمكس بالزكاة، والسحب بالهدية، يأخذونها من غضب الله وينفقونها في معصية الله.

واتخذوا على ذلك خونة العلم أعوانا، ومن الوراع أعوانا، ومن الصناع إخوانا، ووجدوا على ذلك من المستأكلين أعوانا، فهؤلاء الأعوان خطبة أهل الجور على المنابر، وبهؤلاء الأعوان قامت راية الفسق في العساكر، وبهؤلاء الأعوان أخيف العالم فلا ينطق ولا يفطن بذلك الجاهل فيسأل، وبهؤلاء الاعوان مشى المؤمن في أطراف الأرض بالتقية والكتمان فهو كاليتيم المفرد يستذله من لا يتق الله، واعلم بأنك في زمان وجد فيه من لا يوجب الميعاد، قد رفعت لهم الجبابرة أعلام التكاثر فتناقشوا فيها وتشاحنوا عليها حتى محلتهم الفتن بعبارات القرآن، فتلك معالم الطغيان وأذنت - هم - تلك المحلة بالعداوة والهجران(8) .

صفحہ 79