سلطان محمد الفاتح
السلطان محمد الفاتح: فاتح القسطنطينية
اصناف
فقرر فاتح القسطنطينية معاقبة البوسنة على عدم وفائها بتعهداتها، وفي سنة 1463م جهز جيشا عظيما لذلك الغرض، وعلم ملك البوسنة بما وقع فناله الفزع وأرسل للسلطان في آخر لحظة ينفذ أوامره، ويطلب منه هدنة لمدة خمسة عشر عاما، فقبل السلطان ذلك العرض، ولكنه صمم سرا على ضم البوسنة نهائيا إلى الدولة.
ولذا بعد ارتحال رسل البوسنة بأربعة أيام سار السلطان بجيوشه بسرعة هائلة وأخذ البوسنة على غرة فلم يقف أمامه دفاع، وفتحت العاصمة أبوابها له، وجازى السلطان حاكمها على خيانته لوطنه بأن ألقى به من شاهق صخرة لا تزال تحمل اسم «راداك» إلى اليوم.
وأما ملك البوسنة فلم يجد بدا من التسليم، وساعد السلطان على إتمام عثمانيا، وأما ملكها فلقد عاقبه السلطان بالإعدام وضرب أعناق أبنائه، وكان قد أمن على نفسه، ولكن مفتي الدولة أفتى بضرب عنقه لأنه غدر بالسلطان فلا أمان له، واستشهد بالحديث الشريف: «لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.»
وسقطت الهرسك بعد البوسنة، فالقصة السائدة في البلقان كانت قصتها قصة التنازع على الملك والاختلاف؛ ولذا اضطرت إلى دفع الجزية للسلطان، وتم منحتها نهائيا في عهد ابن الفاتح السلطان بايزيد الثاني، ولقد كان لفتح البوسنة أهمية خاصة، فلقد اعتنق نبلاؤها وأرستقراطيتها الدين الإسلامي وأصبحوا بكوات يحكمون إقطاعاتهم على الطريقة السائدة في الغرب في العصور الوسطى.
فتح ألبانيا
بعد البوسنة جاء دور ألبانيا، والألبانيون أقدم جنس في البلقان، وخضعوا للدول التي سيطرت على البلقان خضوعا تختلف درجته. وفي القرن الرابع عشر خضعوا للإمبراطور الصربي، ولكن بعد سقوط إمبراطورية الصرب انقسموا كعادتهم إلى قبائل متنافسة متنافرة لا تعترف لشخص واحد بسلطة، ولا تحترم غير نظمها الخاصة وتقاليدها التي أملتها عليها طبيعة البلاد الجبلية.
وفي أوائل القرن الخامس عشر كان ينتظر ألبانيا مصيران، إما الخضوع لجمهورية البندقية أو الخضوع للأتراك. ولقد كانت جمهورية البندقية تتوسع في البحر الأدرياتي بينما كان الأتراك يتوسعون في البلقان، فوقعت ألبانيا بين خطرين عظيمين. ولقد استولت البندقية بالتدريج على الأجزاء الساحلية، وتم لها ذلك في منتصف القرن الخامس عشر تقريبا. وأصبح البحر الأدرياتي بذلك بحيرة إلى حد كبير بندقية.
ولم يكن من مصلحة البندقية - وهي دولة بحرية - أن تتوغل في داخل ألبانيا، في داخل بلاد مقفرة جبلية، سكانها أقوياء أشداء ولكنها استخدمت أموالها في سبيل إثارة القبائل الداخلة على الأتراك، ولكن هذه السياسة وإن نفعت وقتا ما فلم تنته إلى نجاح، فبالرغم من شجاعة القبائل ومناعة بلادها ما كانت تستطيع الصمود أمام قوة الأتراك مدة طويلة.
وفي أوائل القرن الخامس عشر بدأ الأتراك فتوحهم في ألبانيا، وكان من بين ما أخذوا كضمانات جورج كاستريونس، وكان لا يزال حديث السن، فأكرموا وفادته وعلموه الدين الإسلامي فاعتنقه، وسموه إسكندر، وأعطوه لقب بك فصار إسكندر بك.
خدم إسكندر بك في الجيش العثماني وبرز فيه، حارب ضد الصرب والبنادقة، وأظهر شجاعة ممتازة. وبينما كان يخدم في الجيش الذي استخدم ضد المجر في سنة 1443م علم بقيادة ثورة في ألبانيا، وهرب من العثمانيين إلى أحد الحصون الألبانية، وتنصر ثانية، وأعلن حربا صليبية على الأتراك، وساعدته على النجاح طبيعة الجبال التي كان محتميا بها.
نامعلوم صفحہ