قال: سمعت السيد أبا الحسين زيد بن علي بن الحسين الأستري الجرجاني يقول: إن عياض الثعلبي حضر مجلسا بجرجان جرى فيه ذكر السيد المؤيد بالله، وذكر بعضهم أن الله سبحانه يعينه على الحق، وينصره. فقال العياض الثعلبي: برئت من أنه يعينه. وقال عقيب هذا القول : أوجعني بطني، وتعلق ببطنه، وعاد إلى داره، ومات في تلك الليلة.
قال: وسمعت هذا السيد يقول: إن أبا عمرو الفقيه القصار الجرجاني حضر مجلسا بجرجان في أيام الأمير فلك المعالي، فذكر بعضهم أن السيد أبا الحسين الهاروني إنما يطلب بما يفعل الدنيا، وليس يعمل لله سبحانه. فقال أبو عمرو: وكذلك أبوه علي بن أبي طالب، كان يحارب معاوية وعائشة للدنيا لا للآخرة، وفارق ذلك المجلس وعاد إلى داره، وفلج في الوقت، ومابرز من داره بعد ذلك، ومات من تلك العلة.
قال، وقيل في آخر عمره: إنك قد ضعفت فلو صالحت هؤلاء الأمراء لكان الأثر أسهل عليك، فقال: إني أعلم أن أجلي قد قرب فلا أريد أن أخرج من الدنيا وبيني وبين أعداء الله مصالحة.
سمعت الفقيه يقول: سمعت القاضي أبا عبيد الجعدوي برباط دهستان يقول: بلغني أن المؤيد بالله كان في بعض الليالي يطالع مسألة مع الملحدة الدهرية فاشتبه عليه جواب مسألته(1)، فأمر باتخاذ مشعلة وقصد باب قاضي القضاة بعد قطيع من الليل، وهدوء الناس والأصوات، فأخبر قاضي القضاة بحضوره، فاشتغل خاطره وهيأ مكانا وجلس فيه، حتى إذا دخل عليه وجاراه في تلك المسألة وانفتح له جوابها واتضح لديه ماكان بها، قال له قاضي القضاة: هلا(2) أخرت إلى الغد وتغيبت في هذا الوقت؟ فقال المؤيد مغضبا من كلامه متعجبا : ماهذا بكلام مثلك، أيجوز في أن أبيت وقد أشتكلت علي مسألة، ويمكنني أن أجتهد في حلها. فاعتذر إليه قاضي القضاة، وقال: إنما ذكرت هذا الكلام على الرسم الجاري بين الناس، وطيب قلبه، وعاد إلى منزله.
صفحہ 17