أريد أن تحلف لى أن لا تخليني من إحدى حالتين إما أن تريد خدمتي فأنصح لك وأبلغ جهدي في طاعتك وجمع المال لك كما فعلته بغيرك وإما أن تؤثر غيرى فتوقرنى وتحفظني ولا تبسط على يدا في نفسي ومالى ولا على أحد بسببي فقال له محمد بن المعتمد وكان حسن العقل جميل المذهب لو لم تسق هذا إلى ما كان لى معدل عنك في كفايتك وحسن أثرك فكيف إذا كنت السبب له والسبيل إليه فقال له العباس أريد أن تحلف لى على ذلك فقال إن لم أوف لك بغير يمين لم أوف لك بيمين فقال القاضى محمد بن يوسف العباس ارض منه بهذا فإنه أصلح من اليمين قال العباس قد قنعت ورضيت ثم قال له العباس مد يدك حتى أبايعك فقال له محمد وما فعل المكتفى قال هو في آخر أمره وأظنه قد تلف فقال محمد ما كان الله ليراني أمد يدى لبيعة وروح المكتفى في جسده ولكن إن مات فعلت ذلك فقال محمد بن يوسف الصواب ما قال وانصرفوا على هذه الحال ثم إن المكتفى أفاق وعقل أمره فقال له صافى الحرمى لو رأى أمير المؤمنين أن يوجه إلى عبد الله بن المعتز ومحمد بن المعتمد فيوكل بهما في داره ويحبسهما ما فيها فإن الناس ذكروهما لهذا الامر وأرجفوا بهما فقال له المكتفى هل بلغك أن أحدهما أحدث بيعة علينا فقال له صافى لا قال له فما أرى لهما في إرجاف الناس ذنبا فلا تعرض لهما ووقع الكلام بنفسه وخاف أن يزول الامر عن ولد أبيه فكان إذا عرض له بشئ من هذا الامر استجر فيه الحديث وتابع المعنى واهتبل به جدا وعرض لمحمد بن المعتمد في شهر رمضان فالج في مجلس العباس بن الحسن الوزير من غيظ أصابه في مناظرة كانت بينه وبين ابن عمر عمرويه صاحب الشرطة فأمر العباس أن يحمل في قبة من قبابه على أفره بغاله فحمل إلى منزله في تلك الصورة وانصرفت نفسه إلى تأميل غيره ثم اشتدت العلة بالمكتفى في أول ذى القعدة فسأل عن أخيه أبى الفضل جعفر فصح عنده أنه بالغ فأحضر القضاة وأشهدهم بأنه قد جعل العهد إليه من بعده
ذكر وفاة المكتفى
ومات المكتفى بالله على بن أحمد ليلة الاحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذى القعدة سنة 295 ودفن يوم الاثنين في دار محمد بن عبد الله بن طاهر وكانت خلافته ست سنين وتسعة عشر يوما وكان يوم توفى ابن اثنتين وثلاثين سنة وكان ولد سنة 264 وكنيته أبو محمد وأمه أم ولد تركية وكان جميلا رقيق اللون حسن الشعر وافر اللحية وولد أبا القاسم عبد الله المستكفى ومحمد أبا أحمد والعباس وعبد الملك وعيسى وعبد الصمد والفضل وجعفرا وموسى وأم محمد وأم الفضل وأم سلمة وأم العباس وأمة العزيز وأسماء وسارة وأمة الواحد قال وكان جعفر بن المعتضد بدار ابن طاهر التى هي مستقر أولاد الخلفاء فتوجه فيه صافى الحرمى لساعتين بقيتا من ليلة الاحد وأحضره القصر وقد كان العباس بن الحسن فارق صافيا عن أن يجئ بالمقتدر إلى داره التى كان يسكنها على دجلة لينحدر به معه إلى القصر فعرج به صافى عن دار العباس إذ خاف حيلة تستعمل عليه وعد ذلك من حزم صافى وعقله
ذكر خلافة المقتدر
وفيها بويع جعفر بن أحمد المقتدر يوم الاحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ذى القعدة سنة 295 وهو يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة وأحد وعشرين يوما وكان مولده يوم الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان من سنة 282 وكنيته أبو الفضل وأمه أم ولد يقال لها شغب وكانت البيعة للمقتدر في القصر المعروف بالحسنى فلما دخله ورأى السرير منصوبا أمر بحصير صلاة فبسط له وصلى اربع ركعات وما زال يرفع صوته بالاستخارة ثم جلس على السرير وبايعه الناس ودارت البيعة
صفحہ 16